(وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٤٥)
____________________________________
قوله تعالى (بِهَا) بإعادة العامل وهو بعيدو كذا تجويز كون الضمير فى استحفظوا للأنبياء والربانيين والأحبار جميعا على أن الاستحفاظ من جناب الله عزوجل أى كلفهم الله تعالى أن يحفظوه ويكونوا عليه شهداء* وقوله تعالى وتقدس (فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ) خطاب لرؤساء اليهود وعلمائهم بطريق الالتفات وأما حكام المسلمين فيتناولهم النهى بطريق الدلالة دون العبارة والفاء لترتيب النهى على ما فصل من حال التوراة وكونها معتنى بشأنها فيما بين الأنبياء عليهمالسلام ومن يقتدى بهم من الربانيين والأحبار المتقدمين عملا وحفظا فإن ذلك مما يوجب الاجتناب عن الإخلال بوظائف مراعاتها والمحافظة عليها بأى وجه كان فضلا عن التحريف والتغيير ولما كان مدار جراءتهم على ذلك خشية ذى سلطان أو رغبة فى الحظوظ الدنيوية نهوا عن كل منهما صريحا أى إذا كان شأنها كما ذكر فلا تخشوا الناس كائنا من كان واقتدوا فى* مراعاة أحكامها وحفظها بمن قبلكم من الأنبياء وأشياعهم (وَاخْشَوْنِ) فى الإخلال بحقوق مراعاتها* فكيف بالتعرض لها بسوء (وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي) الاشتراء استبدال السلعة بالثمن أى أخذها بدلا منه لا بذل الثمن لتحصيلها كما قيل ثم استعير لأخذ شىء بدلا مما كان له عينا كان أو معنى أخذا منوطا بالرغبة فيما أخذ والإعراض عما أعطى ونبذ كما فصل فى تفسير قوله تعالى (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى) فالمعنى لا تستبدلوا بآياتى التى فيها بأن تخرجوها منها أو تتركوا العمل بها وتأخذوا لأنفسكم بدلا منها* (ثَمَناً قَلِيلاً) من الرشوة والجاه وسائر الحظوظ الدنيوية فإنها وإن جلت قليلة مستر ذلة فى نفسها لا سيما بالنسبة إلى مافات عنهم بترك العمل بها وإنما عبر عن المشترى الذى هو العمدة فى عقود المعاوضة والمقصد الأصلى بالثمن الذى شأنه أن يكون وسيلة إلى تحصيله وأبرزت الآيات التى حقها أن يتنافس فيها المتنافسون فى معرض الآلات والوسايط حيث قرنت بالباء التى تصحب الوسائل إيذنا بمبالغتهم* فى التعكيس بأن جعلوا المقصد الأقصى وسيلة والوسيلة الأدنى مقصدا (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) كائنا من كان دون المخاطبين خاصة فإنهم مندرجون فيه اندراجا أوليا أى من لم يحكم بذلك مستهينا* به منكرا له كما يقتضيه ما فعلوه من تحريف آيات الله تعالى اقتضاء بينا (فَأُولئِكَ) إشارة إلى من* والجمع باعتبار معناها كما أن الإفراد فيما سبق باعتبار لفظها (هُمُ الْكافِرُونَ) لاستهانتهم به وهم إما ضمير الفصل أو مبتدأ وما بعده خبره والجملة خبر لأولئك وقد مر تفصيله فى مطلع سورة البقرة والجملة تذييل مقرر لمضمون ما قبلها أبلغ تقرير وتحذير عن الإخلال به أشد تحذير حيث علق فيه الحكم بالكفر بمجرد ترك الحكم بما أنزل الله تعالى فكيف وقد انضم إليه الحكم بخلافه لا سيما مع مباشرة ما نهوا عنه من تحريفه ووضع غيره موضعه وادعاء أنه من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا (وَكَتَبْنا) عطف على (أَنْزَلْنَا