(وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٤٦) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٤٧)
____________________________________
التَّوْراةَ (عَلَيْهِمْ) أى على الذين هادوا وقرىء وأنزل الله على بنى إسرائيل (فِيها) أى فى التوراة (أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) أى تقاد بها إذا قتلتها بغير حق (وَالْعَيْنَ) تفقا (بِالْعَيْنِ) إذا فقئت بغير حق (وَالْأَنْفَ) * يجدع (بِالْأَنْفِ) المقطوع بغير حق (وَالْأُذُنَ) تصلم (بِالْأُذُنِ) المقطوعة ظلما (وَالسِّنَّ) تقلع (بِالسِّنِّ) * المقلوعة بغير حق (وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ) أى ذات قصاص إذا كانت بحيث تعرف المساواة وعن ابن* عباس رضى الله تعالى عنهما أنهم كانوا لا يقتلون الرجل بالمرأة فنزلت وقرىء وإن الجروح قصاص وقرىء والعين إلى آخره بالرفع عطفا على محل أن النفس لأن المعنى كتبنا عليهم النفس بالنفس إما لإجراء كتبنا مجرى قلنا وإما لأن معنى الجملة التى هى قولك النفس بالنفس مما يقع عليه الكتب كما يقع عليه القراءة تقول كتبت الحمد لله وقرأت سورة أنزلناها (فَمَنْ تَصَدَّقَ) أى من المستحقين* (بِهِ) أى بالقصاص أى فمن عفا عنه والتعبير عنه بالتصدق للمبالغة فى الترغيب فيه (فَهُوَ) أى التصدق* (كَفَّارَةٌ لَهُ) أى للمتصدق يكفر الله تعالى بها ذنوبه وقيل للجانى إذا تجاوز عنه صاحب الحق سقط* عنه ما لزمه وقرىء فهو كفارته له أى فالمتصدق كفارته التى يستحقها بالتصدق له لا ينقص منها شىء وهو تعظيم لما فعل كقوله تعالى (فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ) كائنا من كان فيتناول من لا يرى قتل* الرجل بالمرأة من اليهود ئناولا بينا (بِما أَنْزَلَ اللهُ) من الأحكام والشرائع كائنا ما كان فيدخل فيها* الأحكام المحكية دخولا أوليا (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) المبالغون فى الظلم المتعدون لحدوده تعالى* الواضعون للشىء فى غير موضعه والجملة تذييل مقرر لإيجاب العمل بالأحكام المذكورة (وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ) شروع فى بيان أحكام الإنجيل إثر بيان أحكام التوراة وهو عطف على (أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ) أى آثار البيين المذكورين يقال قفيته بفلان إذا أتبعته إياه فحذف المفعول لدلالة الجار والمجرور عليه أى قفيناهم (بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) أى أرسلناه عقبهم (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ) حال من عيسى عليهالسلام* (وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ) عطف على قفينا وقرىء بفتح الهمزة (فِيهِ هُدىً وَنُورٌ) كما فى التوراة وهو فى محل* النصب على أنه حال من الإنجيل أى كائنا فيه ذلك كأنه قيل مشتملا على هدى ونور وتنوين هدى ونور للتفخيم ويندرج فى ذلك شواهد نبوته عليهالسلام (وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ) عطف عليه داخل* فى حكم الحالية وتكرير ما بين يديه من التوراة لزيادة التقرير (وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) عطف على* (مُصَدِّقاً) منتظم معه فى سلك الحالية جعل كله هدى بعد ما جعل مشتملا عليه حيث قيل هدى وتخصيص كونه هدى وموعظة بالمتقين لأنهم المهتدون بهداه والمنتفعون بجدواه (وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ) أمر مبتدأ لهم بأن يحكموا ويعملوا بما فيه من الأمور التى من جملتها دلائل رسالته عليه الصلاة