(أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧٤) مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (٧٥)
____________________________________
الوجود وبالثانى العلم وبالثالث الحياة فمعنى قوله تعالى (وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ) إلا إله واحد بالذات منزه عن شائبة التعدد بوجه من الوجوه (وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ) من الكفر الشنيع ولم يوحدوا وقوله* تعالى (لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) جواب قسم محذوف سادمسد جواب الشرط أى وبالله إن لم ينتهوا ليمسنهم* وإنما وضع موضع ضميرهم الموصول لتكرير الشهادة عليهم بالكفر فمن فى قوله تعالى (مِنْهُمْ) بيانية أو* ليمسن الذين بقوا منهم على ما كانوا عليه من الكفر فمن تبعيضية وإنما جىء بالفعل المنبىء عن الحدوث تنبيها على أن الاستمرار عليه بعد ورود ما ينحى عليه بالقلع من نص عيسى عليهالسلام وغيره كفر جديد وغلو زائد على ما كانوا عليه من أصل الكفر (عَذابٌ أَلِيمٌ) أى نوع شديد الألم من العذاب وهمزة* الاستفهام فى قوله تعالى (أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ) لإنكار الواقع واستبعاده لا لإنكار الوقوع وفيه تعجيب من إصرارهم والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام أى ألا ينتهون عن تلك العقائد الزائغة والأقاويل الباطلة فلا يتوبون إلى الله تعالى ويستغفرونه بالتوحيد والتنزيه عما نسبوه إليه من الاتحاد والحلول فمدار الإنكار والتعجيب عدم الانتهاء وعدم التوبة معا أو أيسمعون هذه الشهادات المكررة والتشديدات المقررة فلا يتوبون عقيب ذلك فمدارهما عدم التوبة عقيب تحقق ما يوجبها من سماع تلك القوراع الهائلة وقوله عزوجل (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) جملة حالية من فاعل يستغفرونه مؤكدة للإنكار* والتعجيب من إصرارهم على الكفر وعدم مسارعتهم إلى الاستغفار أى والحال أنه تعالى مبالغ فى المغفرة فيغفر لهم عند استغفارهم ويمنحهم من فضله (مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ) استئناف مسوق لتحقيق الحق الذى لا محيد عنه وبيان حقيقة حاله عليهالسلام وحال أمه بالإشارة أولا إلى أشرف ما لهما من نعوت الكمال التى بها صارا من زمرة أكمل أفراد الجنس وآخرا إلى الوصف المشترك بينهما وبين جميع أفراد البشر بل أفراد الحيوان استنزالهم بطريق التدريج عن رتبة الإصرار على ما تقولوا عليهما وإرشادا لهم إلى التوبة والاستغفار أى هو مقصور على الرسالة لا يكاد يتخطاها وقوله تعالى (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) صفة لرسول منبئة عن اتصافه بما ينافى الألوهية فإن خلو الرسل السالفة عليهمالسلام منذر بخلوه المقتضى لاستحالة ألوهيته أى ما هو إلا رسول كالرسل الخالية من قبله خصه الله تعالى ببعض من الآيات كما خص كلا منهم ببعض آخر منها فإن أحيى الموتى على يده فقد أحيى العصا فى يد موسى عليهالسلام وجعلت حية تسعى وهو أعجب منه وإن خلق من غير أب فقد خلق آدم من غير أب ولا أم وهو أغرب منه وكل ذلك من جنابه عزوجل وإنما موسى وعيسى مظاهر لشئونه وأفعاله (وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ) أى* وما أمه أيضا إلا كسائر النساء اللاتى يلازمن الصدق أو التصديق ويبالغن فى الاتصاف به فما رتبتهما