(فَأَثابَهُمُ اللهُ بِما قالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ (٨٥) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (٨٦) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (٨٧)
____________________________________
غير مؤمنين على توجيه الإنكار والنفى إلى السبب والمسبب جميعا كما فى قوله تعالى (وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي) ونظائره لا إلى السبب فقط مع تحقق المسبب كما فى قوله تعالى (فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) وأمثاله فإن همزة الاستفهام كما تكون تارة لإنكار الواقع كما فى أتضرب أباك وأخرى لإنكار الوقوع كما فى أأضرب أبى كذلك ما الاستفهامية قد تكون لإنكار سبب الواقع ونفيه فقط كما فى الآية الثانية وقوله تعالى (ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً) فيكون مضمون الجملة الحالية محققا فإن كلا من عدم الإيمان وعدم الرجاء أمر محقق قد أنكر ونفى سببه وقد يكون الإنكار سبب الوقوع ونفيه فيسريان إلى المسبب أيضا كما فى الآية الأولى فيكون مضمون الجملة الحالية مفروضا قطعا فإن عدم العبادة أمر مفروض حتما وقوله تعالى (وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ) حال أخرى من الضمير المذكور بتقدير مبتدأ والعامل فيها* هو العامل فى الأولى مقيدا بها أى أى شىء حصل لنا غير مؤمنين ونحن نطمع فى صحبة الصالحين أو من الضمير فى لا نؤمن على معنى أنهم أنكروا على أنفسهم عدم إيمانهم مع أنهم يطمعون فى صحبة المؤمنين وقيل معطوف على نؤمن على معنى أنهم وما لنا نجمع بين ترك الإيمان وبين الطمع المذكور
(فَأَثابَهُمُ اللهُ بِما قالُوا) أى عن اعتقاد من قولك هذا قول فلان أى معتقده وقرىء فآتاهم الله (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ) أى الذين أحسنوا النظر والعمل أو الذين اعتادوا الإحسان فى الأمور. والآيات الأربع روى أنها نزلت فى النجاشى وأصحابه بعث إليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم بكتابه فقرأه ثم دعا جعفر بن أبى طالب والمهاجرين معه وأحضر القسيسين والرهبان فأمر جعفر أن يقرأ عليهم القرآن فقرأ سورة مريم فبكوا وآمنوا بالقرآن وقيل نزلت فى ثلاثين أو سبعين رجلا من قومه وفدوا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقرأ عليهم سورة مريم فبكوا وآمنوا (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) عطف التكذيب بآيات الله على الكفر مع أنه ضرب منه لما أن القصد إلى بيان حال المكذبين وذكرهم بمقابلة المصدقين بها جمعا بين الترغيب والترهيب (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) أى ما طاب ولذ منه كأنه لما تضمن ما سلف من مدح النصارى على الترهب ترغيب المؤمنين فى كسر النفس ورفض الشهوات عقب ذلك بالنهى عن الإفراط فى الباب أى لا تمنعوها أنفسكم كمنع التحريم أو لا تقولوا حرمناها على أنفسنا مبالغة منكم فى العزم على تركها تزهدا منكم وتقشفا وروى أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وصف القيامة لأصحابه يوما فبالغ وأشبع الكلام فى الإنذار فرقوا واجتمعوا فى بيت