أشهر حرّم فيها القتال .. وتحريم النسيء
وهذا حديث لا يبتعد عن أجواء القتال ، ولكنه يعيش في بعض تفاصيل الزمن الذي يحلّ فيه القتال أو يحرم ، لأن الله قد حدّد في ذلك حدودا معينة ، فلا يجوز للناس أن يتجاوزوها أو يتعدوها بأيّة وسيلة كانت إلا في حال الاضطرار ، على ما هو الحال في كل حدود الله التي لم يحلها إلا لمن اضطر إلى تجاوزها.
أمّا تفصيل الموضوع ، فقد أراد الله للزمن أن يتحرك في حياة الناس من المواقع الطبيعيّة التي ركّز عليها تكوين الوجود في حركة الشمس والقمر حول الأرض ، وهي الشهور القمريّة التي تخضع لأوضاع القمر في عالم الحسّ ، وعدّتها اثنا عشر شهرا ، وقد أراد الله أن يجعل في أجواء السنة أشهر سلام ، حرّم فيها القتال على الناس إلا في حالة ردّ العدوان ، وسمّاها الأشهر الحرم ، وهي ذو العقدة وذو الحجة ومحرّم ورجب. وقد حاول بعض الناس في الجاهليّة أن يقدّموا فيها أو يؤخروا تبعا لمصالحهم وشهواتهم ، فحرّموا ما لم يكن حراما ، وأحلّوا ما لم يكن حلالا ، من غير قاعدة ، وعلى غير أساس في ما يرتكز عليه التحريم والتحليل ، وهذا ما عالجت الآيتان بعض مظاهره.
* * *
الأشهر الحرم أربعة
(إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ) والظاهر أن المراد به كتاب الوجود والتكوين من خلال ما أودعه الله في الكون من قوانين الوجود التي تنتظم بها الأشياء وتتحرك من خلالها الظواهر ، مما اعتبره من الثوابت الكونية التي لا تتغير في طبيعتها ، لأن الله أراد منها تركيز القواعد التي