على مستوى ما يقدم عليه من أوضاع العذاب في الآخرة ليحسب حساب المصير في دقّة وعمق وإيمان.
* * *
التهديد بالعذاب على عدم النفور
(إِلَّا تَنْفِرُوا) وتستجيبوا لله في ما يأمركم به من الجهاد ، فتقعدوا في بيوتكم في حالة كسل وخوف واسترخاء (يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً) جزاء لتمردكم على الله قبل ذلك ، فإن الله لا يعذّب قوما حتى قيم عليهم الحجة (وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ) لا يتثاقلون عند الدعوة إلى الجهاد ، لأنهم يتحركون في الحياة من مواقع القاعدة الإيمانية التي تحكم كل تصوراتهم وأعمالهم وعلاقاتهم على أساس من وعي المسؤولية أمام الله ، في ما يعيشون من محبة الله وخوفه ، وبذلك فهم يجدون الحياة ، في مفهومهم لموقعها الحقيقي من شخصيتهم ، هبة الله التي يملك أمر استمرارها ، كما يملك أمر إزالتها من أجل غايات الحياة التي أراد الله لها أن تعيش من أجلها ، فليس لهم أن يمتنعوا عما يريده لهم من ذلك كله ، لأن الأمر كله بيده ، وهذا ما ينبغي لكم أن تعيشوه وتواجهوه وتنتظروه ، فلا تعتبروا المسألة مقتصرة عليكم ، فلستم أوّل الناس الذين يدعوهم الرسول إلى الجهاد ، ولستم آخرهم ، بل أنتم مجرد مرحلة طارئة من مراحل المسيرة الإسلامية الطويلة ، التي قد تتأثّر بعض الشيء بالمواقف السلبيّة التي يقفها السائرون في الطريق ، ولكن ذلك لا يلغيها ولا يجمّدها. (وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً) لأنّ لله عبادا صالحين مجاهدين يعملون من أجل حمل المسؤولية ومتابعتها بكل صدق وعزيمة وإصرار ، ولا بدّ لهم من أن يتحركوا في الخط الطويل ويسيروا على طبيعة المنهج (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فلا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ، لأن الأشياء كلها ملكه