العطاء من تزكية للنفس ، ومن إخلاص لله ، بالإخلاص لعباده المستضعفين ، وتلك هي علامة الإيمان الذي لا يتحرك في الشعور فقط ليكون مجرد خاطرة في الفكر أو نبضة في القلب ، بل يتسع ويمتد ليكون خطا في الحياة وممارسة في العمل. وفي هذا دلالة على أن الممارسة شرط في دخول المجتمع المؤمن الذي يتقبل الإنسان من خلال عمله المتحرك من وحي إيمانه ، فإذا تحقق ذلك لهم ، (فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ) لأنهم يعتقدون ما تعتقدونه ، ويعملون ما تعملونه ، ويتحركون في الأهداف التي تتحركون إليها.
* * *
وتلك هي خصائص الأخوّة الدينيّة ، التي هي أعمق أنواع الأخوّة ، لأن فيها يتآخى الفكر والشعور ، وتتصل خطوات الفكر بخطوات العمل ، مما يجعل من المسألة قضيّة تشمل الكيان الإنساني كلّه. وذلك هو الخط الذي يريد الله للإنسانية أن تسير عليه ، وهو المنهج الذي يريد لها أن تنهجه في كل مجالاتها الروحية والعملية في ما يفصّله من آياته التي توضّح لهم السبيل ، حتى لا يبقى هناك مجال لخطأ في اجتهاد ، أو اشتباه في رؤية (وَنُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) في ما توحي به الروح العلمية من وعي وتفكير وتدبّر ، يتحسس فيه الإنسان مسئولية المعرفة من خلال تحسسه لمسؤوليات الحياة.
* * *