يتعاونون على الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، ويتواصون بالحق ، ويتواصون بالصبر والمرحمة ، ويجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ، أولئك هم المجاهدون ، الذين يخلصون لروحية الجهاد قبل أن ينطلقوا في حركته.
(وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً) فهؤلاء المؤمنون هم الذين لم ينفتحوا على غير الله ورسوله والمؤمنين من بطانة السوء التي تتحرك في أجواء الباطل وآفاقه. وهناك في الجانب الآخر من التجربة ، ما يريد الله أن يظهره من الخلفيات الداخلية لعباده ، ليميز الخبيث من الطيب ، ويتمثل هذا بالذين يتساقطون أمام الزلزال النفسي والروحي والجسدي ، في ما تقدّم لهم الدنيا من أطايبها وأطماعها وشهواتها ، وفي ما تحذّرهم منه من تضحياتها وجهادها وآلامها ، وما تثيره أمامهم من مخاوفها وأوهامها ، حتى يشعروا أن الأرض تميد بهم ، وأنهم سائرون إلى قرار سحيق ، فيحاولون التعلق بأيّ شيء يبعدهم عن الهلاك في ما يتوهمون ، ولكنهم يظلون في عملية تساقط وتراجع ، فلا يبقى لهم إلا الأشباح والأوهام والفراغ الهائل في متاهات الضياع. إن الدين تجربة مستمرة في حركة الإنسان أمام تحديات الواقع ، ولا بد للإنسان المؤمن من أن يواجه الموقف من موقع المسؤولية أمام الله في ما يريده الله ، وما لا يريده ، لأن ذلك يتصل بقضية المصير في الدنيا والآخرة ، فلا مجال لأيّة نتيجة إيجابية أو سلبية إلا على أساس التجربة الواقعية على مستوى الحياة الفردية والاجتماعية ، ولا مجال للتهرب من ذلك بطريقة اللف والدوران ، لأن الله هو المطّلع على خفايا الأشياء ودقائقها ، فلا يعزب عن علمه مثقال ذرّة في الأرض ولا في السماء (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ)
* * *