الإيمان هو الذي يحدّد الولاية لا النسب والمال
إنه الموقف الإيماني الرافض لكل عاطفة حميمة في العلاقات الإنسانية الممتدة في روابط القرابة والصداقة ، إذ كان لتلك العلاقات موقف سلبيّ ضد الله ورسوله ، من خلال ما تنطلق به من شرك بالله ، وحرب لرسوله وللمؤمنين. فلا بدّ للإيمان من أن يعبّر عن نفسه بالوقوف في خط المواجهة في الداخل لكل المشاعر الذاتية المتعاطفة مع هؤلاء الذين يتصلون بالإنسان بصلة القربى ، وبالرفض لكل تواصل وتفاعل إيجابي في الجوانب العملية ، بما يؤيّد به الناس بعضهم البعض ، وفي ما يقومون به في المجال الاجتماعي من مواقف الولاية القائمة على الإخلاص والنصرة والتأييد. فقرابة المؤمن لله أعظم من أيّة قرابة ، وموالاته له أكبر من أيّة موالاة لغيره ، لأن المعنى العميق للإيمان ، في مدلوله الحقيقي ، هو أن يكون الله ، هو الأساس في كل العلاقات الإنسانية التي يبنيها المؤمن هنا ، أو يهدمها هناك. فلا مجال للاستسلام لما تمثله المشاعر الحميمة الذاتية ، من نقاط الضعف التي تفصل بين حركة العلاقات الذاتية في النطاق ذاته ، بل إن الإيمان هو الذي يحدّد للعلاقات حركتها ومواقعها في الاتجاه المتصل بالامتداد الشامل ، في الفكر والشعور والعمل ، انطلاقا من الإيمان بوحدة الشخصية الإنسانية في ما تفكر به وتتعاطف معه ، وفي ما تقفه من مواقف ، فلا مكان للازدواجية التي تفصل بين شخصية الإنسان الذاتية ، وشخصيته الإيمانيّة.
وهذا هو الموقف الحاسم الذي أرادت هاتان الآيتان أن تركّزاه وتؤكداه في حركة التشريع والممارسة.
* * *