الولاية لا تتحرك في خط القرابة
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَإِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ) والولاية توحي بدعم الموقف بالنصرة والتأييد ، أو الاستسلام للجانب العاطفيّ الذي يفرض على الإنسان ضغوطا شعورية تمنعه من التحرك في خطّ الولاية الشاملة لله ولرسوله ، فتعطّل بذلك مسيرة الإيمان التي تدعوا إلى فراق الأهل ، من أجل الدعوة والجهاد.
(إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ) فاختاروا الكفر خطا لحياتهم في مواجهة خط الإيمان ، لأن ذلك هو الخط الفاصل ، الذي يمثل الحدّ الذي يريد للمؤمنين أن يقفوا عنده ولا يتجاوزه. فعلى المؤمنين أن يقفوا مع حركة الإيمان بكل قوّة وصلابة حتى لو كلفهم ذلك التمرّد على مشاعرهم الذاتية ، بل ربّما كان من الضروريّ العمل على تربية المشاعر ، بحيث تكون حركة العاطفة منسجمة مع حركة الفكر ، (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ) بالنصرة والتأييد والطاعة (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) الذين ظلموا أنفسهم ، وتمرّدوا على ربّهم ، وظلموا الحياة من خلال ما يمثله موقفهم من عدوان على الحياة ، في إضعاف الحق وتقوية الباطل.
ويتعاظم الأسلوب القرآني ويتصاعد ليتجاوز علاقة القرابة ، إلى كل علاقة أخرى تربط الإنسان بالجانب المادي في الحياة ، في ما يمكن أن يضعف موقف الإنسان ويعطل حركته في الاتجاه بعيدا عن مقتضيات الإيمان في مواقع التضحية والبذل والتحدي. فلا بد للمؤمن من أن يفرّغ فكره وروحه وشعوره من أيّة عاطفة سلبيّة تمنعه من السير في الاتجاه السليم لحركة الإيمان ، ليشعر بأن قيمة الخط الإيماني والعلاقات الإيمانية ، هي أغلى من قيمة أيّ شيء آخر ،