الحاسمة إلى التوحيد ، مما يلغي في الإسلام جدّيته ومصداقيّته ، ويحوّل المسألة إلى الأجواء الرسميّة التي لا تحرك الساحة نحو التغيير الجذريّ للواقع ، لا سيما إذا لاحظنا ـ في هذا المجال ـ أن الشرك لا يمثل منهجا فكريا للحياة ، من قاعدة الفكر المسؤول والعلم الصادق ، بل هو عبارة عن تقاليد وأوهام وتخيلات ، ترهق مسيرة الإنسان ، وتثقل روحه ، وتبعثر جهوده ، فلا يكون الضغط عليه لإبعاده عن ساحة الحياة انتقاصا من قضية الحرية من قريب أو من بعيد ، بل يمثل التأكيد عليها من موقع تحرير الفكر الإنساني من الخضوع لعبودية الأوهام والتقاليد والخرافات ، وربطه بالحقيقة التوحيديّة المشرقة المنطلقة بالنور والإشراق في رحاب الله.
* * *
إمكانات التعايش مع أهل الكتاب
أمّا أهل الكتاب ، فهم الفئة التي تنتمي إلى الكتب السماوية ، ولا تواجه قضية الإيمان لتتمرد على المبدأ بشكل مباشر ، لأن الكتب التي تؤمن بها ، تؤكد الإيمان بالله كحقيقة ، وإن كانت تنحرف ببعض التفاصيل ، في تصورها لشخصية الإله وصفته ، وفي تمثّلها لطبيعة النبوّات وحركتها ، وفي إنكارها لبعض الأنبياء وإيمانها لبعضهم الآخر ، إلى غير ذلك من الأمور التفصيليّة. ولكن ذلك كله لا يمنع من التعايش بينهم وبين المسلمين ، لأن هناك أكثر من قاعدة للقاء ، ولأنّ هناك كثيرا من المواقع التي يمكن أن يتحركوا من خلالها للحوار ، من خلال ما تشتمل عليه الكتب من مفاهيم وتشريعات متحدة أو متقاربة وما يتمثل في شخصيات الأنبياء من روحانية وجهاد وإيمان ، الأمر الذي يجعل الإنسان يشعر بالأجواء المشتركة في القيم الروحية والفكرية والتشريعيّة في