حركة المجتمع العمليّة. وبذلك تلتقي الساحة المشتركة بالكثير من الإيجابيّات التي لا تهزمها السلبيّات الأخرى.
ولهذا أقرّ الإسلام التعايش الإسلامي ـ المسيحي ، في مجتمع واحد ، ولكنه أراد لحكمه أن يكون في المواقع المتقدّمة التي تحكم الساحة كلها ، من أجل المحافظة على قوّة القاعدة وسلامة خطّ السير ، واستمرار حركة العقيدة في أجواء الدعوة والعمل ، من دون حواجز ثابتة ، أو مواقف معقّدة. لقد سمح للمجتمع أن يتنوّع في تصوراته التفصيلية للدين ، مع عدم الموافقة على بعض هذه التصورات ، ولكنه لم يسمح له أن يكون خارج سلطته وحكمه ، لأن المجتمع الذي تتعدد فيه السلطات ، سوف يكون محكوما للتمزق والضعف والفساد ، وهذا ما لم يمكن للإسلام أن يسمح به ، لأنه يؤدي إلى الخراب والدمار ، فلا بد من وحدة السلطة ، ولا بد من التقاء جميع أفراد الشعب على أساس الخضوع لتلك السلطة ، فكيف يكون الخضوع؟
* * *
تشريع الجزية
إن موضوع الخضوع بالنسبة للمسلمين ، يكون بالالتزام بمفاهيم الإسلام في عقيدته وشريعته وأسلوبه في العمل والحياة ، في باب النظريّة والتطبيق ، لأن ذلك هو معنى الانتماء إلى الإسلام على مستوى الحكم والعقيدة والحياة ، تماما كأيّة أمّة تلتزم بعقيدة معيّنة ونظام معيّن إذا عاشت في داخل الإطار الذي تحكمه تلك العقيدة وذلك النظام ، وأمّا بالنسبة لغير المسلمين ، الذين لا يريد الإسلام أن يفرض عليهم أحكامه في كثير من القضايا العبادية والقتالية والحياتية المتعلقة ببعض الأوضاع والعادات ، فلا بدّ له من فرض سلطته