المغرب إلى المشرق ، والحركة لبعض ذوات الأذناب من المشرق إلى المغرب. فعلى هاتين الصورتين يظهر كذبها يقينا ، لأن بيت لحم من أورشليم إلى جانب الجنوب. نعم دائرة حركة بعض ذوات الأذناب تميل من الشمال إلى الجنوب ميلا ما ، لكن هذه الحركة بطيئة جدا من حركة الأرض التي هي مختار حكمائهم الآن ، فلا يمكن أن تحسر هذه الحركة إلّا بعد مدة ، وفي المسافة القليلة لا تحسّ بالقدر المعتدّ به ، بل مشي الإنسان يكون أسرع كثيرا من حركته. فلا مجال لهذا الاحتمال ، ولأنه خلاف علم المناظر أن يرى وقوف الكوكب أولا ، ثم يقف المتحرّك ، بل يقف المتحرّك أولا ثم يرى فوقه.
٥٠ ـ في الباب الأول من إنجيل متّى : «وهذا كله كان لكي يتمّ ما قيل من الربّ بالنبيّ القائل : وهو ذا العذراء تحبل وتلد ابنا ويدّعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا». والمراد بالنبيّ عند علمائهم أشعيا عليهالسلام ، حيث قال في الآية الرابعة عشر من الباب السابع من كتابه هكذا : «لأجل هذا يعطيكم الرب عينه علامة : ها العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعى اسمه عمانوئيل». أقول هو غلط بوجوه : الأول : إن اللفظ الذي ترجمه الإنجيلي ومترجم كتاب أشعيا بالعذارء هو علمه مؤنث علم ، والهاء فيه للتأنيث ، ومعناه عند علماء اليهود المرأة الشابّة ، سواء كانت عذراء أو غير عذراء. ويقولون إن هذا اللفظ وقع في الباب الثلاثين من سفر الأمثال ، ومعناه هاهنا المرأة الشابّة التي زوّجت. وفسّر هذا اللفظ في كلام أشعيا بالمرأة الشابة في التراجم عندهم قديمة. يقولون إن الأولى ترجمت سنة ١٢٩ ، والثانية سنة ١٧٥ ، والثالثة سنة ٢٠٠ ، وكانت معتبرة عند القدماء المسيحيين ، سيما ترجمة تهيودوشن. فعلى تفسير علماء اليهود والتراجم الثلاثة ، فساد كلام متّى ظاهر. وقال فرّي في كتابه الذي صنّف في بيان اللغات العبرانية ، وهو كتاب معتبر مشهور بين علماء بروتستنت : إنه بمعنى العذراء والمرأة الشابّة. فعلى قول فرّي ، هذا اللفظ مشترك بين هذين المعنيين ، وقوله أولا ليس بمسلّم في مقابلة تفاسير أهل اللسان الذين هم اليهود ، وثانيا بعد التسليم. أقول حمله على العذراء خاصّة على خلاف تفاسير اليهود والتراجم القديمة محتاج إلى دليل. وما قال صاحب ميزان الحق في كتابه المسمّى بحلّ الإشكال : (ليس معنى هذا اللفظ إلّا العذراء). انتهى. فغلط ، يكفي في ردّه ما نقلت آنفا. الثاني : ما سمّى أحد عيسى عليهالسلام بعمانوئيل لا أبوه ولا أمه ، بل سمّياه يسوع ، وكان الملك قال لأبيه في الرؤيا : (وتدعو اسمه يسوع) ، كما هو مصرّح في إنجيل متّى. وكان جبريل قال لأمه : (ستحبلين وتلدين ابنا وتسمّينه يسوع) ، كما هو مصرّح في إنجيل لوقا. ولم يدّع عيسى عليهالسلام في حين من الأحيان أيضا أن اسمي عمانوئيل. والثالث : القصة التي وقع فيها هذا القول تأبى أن يكون