مصداق هذا القول عيسى عليهالسلام لأنها هكذا : إن راصين ملك آرام وفاقاح ملك إسرائيل جاءا إلى أورشليم لمحاربة أحاز بن يوبان ملك يهوذا ، فخاف خوفا شديدا من اتفاقهما. فأوحى الله إلى أشعيا أن تقول لتسلية أحاز : لا تخف فإنهما لا يقدران عليك ، وستزول سلطنتهما. وبيّن علامة خراب ملكهما أن امرأة شابّة تحبل وتلد ابنا ، وتصير أرض هذين الملكين خربة قبل أن يميّز هذا الابن الخير عن الشرّ. وقد ثبت أن أرض فاقاح قد خربت في مدة إحدى وعشرين سنة من هذا الخبر. فلا بدّ أن يتولّد هذا الابن قبل هذه المدة ، وتخرب لا قبل تميّزه. وعيسى عليهالسلام تولد بعد سبعمائة وإحدى وعشرين سنة من خرابها. وقد اختلف أهل الكتاب في مصداق هذا الخبر. فاختار البعض أن أشعيا عليهالسلام يريد بالمرأة زوجته ، ويقول إنها ستحبل وتلد ابنا وتصير أرض الملكين اللذين تخاف منها خربة قبل أن يميّز هذا الابن الخير عن الشرّ ، كما صرّح داكتر بنسن. أقول : هذا هو الحريّ بالقبول وقريب من القياس.
٥١ ـ الآية الخامسة عشر من الباب الثاني من إنجيل متى هكذا : «وكان هناك إلى وفاة هيرودس لكي يتمّ ما قيل من الربّ بالنبيّ القائل : من مصر دعوت ابني». والمراد بالنبي القائل هو يوشع عليهالسلام. وأشار الإنجيلي إلى الآية الأولى من الباب الحادي عشر من كتابه. وهذا غلط. لا علاقة لهذه الآية بعيسى عليهالسلام ، لأنها هكذا : «إن إسرائيل منذ كان طفلا أنا أحببته ومن مصر دعوت أولاده». كما في الترجمة العربية المطبوعة سنة ١٨١١. فهذه الآية في بيان الإحسان الذي فعله الله في عهد موسى عليهالسلام على بني إسرائيل. وحرّف الإنجيلي صيغة الجمع ، بالمفرد ، وضمير الغائب بالمتكلّم ، فقال ما قال وحرّف لأتباعه مترجم العربية المطبوعة سنة ١٨٤٤ أيضا. لكن لا يخفى خيانته على من طالع هذا الباب ، لأنه وقع في حقّ المدعوّين بعد هذه الآية : كلما دعوا ولّوا وجوههم وذبحوا البعاليم وقرّبوا للأصنام. ولا تصدق هذه الأمور على عيسى عليهالسلام ، بل لا تصدق على اليهود الذين كانوا معاصريه ، ولا على الذين كانوا قبل ميلاده إلى خمسمائة سنة ، لأن اليهود كانوا تابوا عن عبادة الأوثان توبة جيدة قبل ميلاده بخمسمائة وستّ وثلاثين سنة بعد ما أطلقوا من أسر بابل ، ثم لم يحوموا حولها بعد تلك التوبة كما هو مصرّح في التواريخ.
٥٢ ـ الآية السادسة عشر من الباب الثاني من إنجيل متّى هكذا : «حينئذ لمّا رأى هيرودس أن المجوس سخروا به ، غضب جدّا ، فأرسل وقتل جميع الصبيان الذين في بيت لحم وفي كل تخومها من ابن سنتين فما دون بحسب الزمان الذي تحقّقه من المجوس». وهذا أيضا غلط نقلا وعقلا. أما نقلا فلأنه ما كتب أحد من المؤرخين الذين يكونون معتبرين ولا يكونون مسيحيين هذه الحادثة ، لا يوسيفس ولا غيره من علماء اليهود الذين كانوا يكتبون