زمائم هيرودس ويتصفحون عيوبه وجرائمه. وهذه الحادثة ظلم عظيم وعيب جسيم. فلو وقعت لكتبوها على أشنع حالة ، وإن كتبها أحد من المؤرّخين المسيحيين ، فلا اعتماد على تحريره ، لأنه مقتبس من هذا الإنجيل. وأما عقلا فلأن بيت لحم كانت بلدة صغيرة لا كبيرة ، وكانت قريبة من أورشليم لا بعيدة ، وكانت في تسلّط هيرودس لا في تسلّط غيره. فكان يقدر قدرة تامّة على أسهل وجه أن يحقّق أن المجوس كانوا جاءوا إلى بيت فلان وقدّموا هدايا لفلان ابن فلان ، وما كان محتاجا إلى قتل الأطفال المعصومين.
٥٣ ـ من الباب الثاني من إنجيل متّى هكذا : «١٧ حينئذ تمّ ما قيل بأرميا النبيّ القابل ١٨ صوت سمع في الرامة نوح وبكاء وعويل كثير راحيل تبكي على أولادها ولا تريد أن تتعزّى لأنفسهم ليسوا بموجودين». وهذا أيضا غلط وتحريف من الإنجيلي. لأن هذا المضمون وقع في الآية الخامسة عشر من الباب الحادي والثلاثين من كتاب أرميا. ومن طالع الآيات التي قبلها وبعدها ، علم أن هذا المضمون ليس في حادثة هيرود بل في حادثة بخت نصّر التي وقعت في عهد أرميا فقتل فيها ألوف من بني إسرائيل وأسر ألوف منهم وأجلوا إلى بابل. ولمّا كان فيهم كثير من آل راحيل أيضا تألم روحها في عالم البرزخ فوعد الله أنه يرجع أولادك من أرض العدو إلى تخومهم (١).
٥٤ ـ الآية الثالثة والعشرون من الباب الثاني من إنجيل متّى هكذا : «وأتى وسكن في مدينة يقال لها ناصرة ، لكي يتمّ ما قيل بالأنبياء أنه سيدعى ناصريا». وهذا أيضا غلط ، ولا يوجد في كتاب من كتب الأنبياء ، وينكر اليهود هذا الخبر أشدّ الإنكار. وعندهم هذا زور وبهتان ، بل يعتقدون أنه لم يقم نبيّ من الجليل فضلا عن ناصرة ، كما هو مصرّح في الآية الثانية والخمسين من الباب السابع من إنجيل يوحنّا. وللعلماء المسيحية اعتذارات ضعيفة غير قابلة للالتفات. فظهر للناظر أن سبعة عشر غلطا صدرت عن متّى في البابين الأوّلين.
٥٥ ـ الآية الأولى من الباب الثالث من إنجيل متّى في التراجم العربية المطبوعة سنة ١٦٧١ ، وسنة ١٨٢١ ، وسنة ١٨٢٦ ، وسنة ١٨٥٤ ، وسنة ١٨٨٠ ، هكذا : «وفي تلك الأيام جاء يوحنّا المعمدان يكرز في برية اليهودية». وفي التراجم الفارسية المطبوعة سنة ١٨١٦ ، وسنة ١٨٢٨ ، وسنة ١٨٤١ ، وسنة ١٨٤٢ ، (ع) هكذا : «اندر آن أيام يحيى تعميد دهنده در بيابان يهودية ظاهر كشت». ولمّا كان في آخر الباب الثاني ذكر جلوس أرخيلاوس على سرير اليهودية بعد موت أبيه ، وانصرف يوسف مع زوجته وأبيه إلى نواحي الجليل وإقامته في
__________________
(١) يعلم من تحرير أرميا وتصديق الإنجيلي أن الأموات يظهر لهم في عالم البرزخ حال أقاربهم الذين في الدنيا فيتألمون بمصائبهم ، وهذا مخالف لعقيدة فرقة بروتستنت.