التاسع : إن واتسن صرّح في المجلد الرابع من كتابه في رسالة الإلهام التي أخذت من تفسير داكتر بنسن ، أن عدم كون تحرير لوقا إلهاميّا يظهر مما كتب في ديباجة إنجيله هكذا : «إذا كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا ، كما سلّمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخدّاما للكلمة ، رأيت أنا أيضا إذ قد تتبّعت كل شيء من الأول بتدقيق أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس لتعرف صحة الكلام الذي عملت به. وهكذا قال القدماء من العلماء المسيحية أيضا. قال أرينيوس : إن الأشياء التي تعلّمها لوقا من الحواريين بلّغها إلينا. وقال جيروم : إن لوقا تعلّمه ليس منحصرا من بولس الذي لم يحصل له صحبة جسمانية بالمسيح ، بل تعلّم الإنجيل منه ومن الحواريين الآخرين أيضا». ثم صرّح في تلك الرسالة أن الحواريين كانوا إذا تكلموا في أمر الدين أو كتبوا ، فخزانة الإلهام التي كانت حاصلة لهم كانت تحفظهم ، لكنهم كانوا أناسا وذوي عقول ، وكانوا يلهمون أيضا. وكما أن الأشخاص الآخرين في بيان الحالات يتكلمون ويكتبون بمقتضى عقولهم بغير الإلهام ، فكذا هؤلاء الحواريون في الحالات العامّة كانوا يتكلمون ويكتبون. فلذلك كان يمكن لبولس أن يكتب بدون الإلهام إلى طيموثاوس : «هكذا استعمل خمرا قليلا من أجل معدتك وأسقامك الكثيرة» كما هو مصرّح في الآية ٢٣ من الباب الخامس من الرسالة الأولى إليه ، أو أن يكتب إليه : الرداء الذي تركته في تراوس عند كاربس أحضره متى جئت. والكتب أيضا ولا سيما الرّقوق ، كما هو مصرّح في الآية الثالثة عشرة من الباب الرابع من الرسالة الثانية إليه. وأن يكتب إلى فليمون : «ومع هذا أعدد لي أيضا منزلا ، كما هو مصرّح في الآية الثانية والعشرين من رسالته إليه. أو أن يكتب إلى طيموثاوس : أراسنس بقي في قورنيثوس ، وأما تروفيمس فتركته في ميليتس مريضا ، كما في الآية العشرين من الباب الرابع من الرسالة الثانية إليه. وليست هذه الحالات حالات نفسي البتّة بل حالات بولس المقدس. كتب في الباب السابع من الرسالة الأولى إلى أهل قورنيثوس في الآية العاشرة هكذا : فأما المتزوجون فأوصيهم لا أنا بل الربّ. في الآية الثانية عشرة هكذا : وأما الباقون فأنا أقول لا الربّ. وفي الآية الخامسة والعشرين : وأما العذارى فليس عندي أمر من الربّ فيهنّ ، ولكنني أعطي رأيا إلخ ... وفي الباب السادس عشر من كتاب الأعمال في الآية السادسة هكذا : وبعد ما اجتازوا في فريجية وكورة غلاطية منعهم الروح القدس أن يتكلموا بالكلمة في آسيا. وفي الآية السابعة هكذا : فلما أتوا إلى ميسيا حاولوا أن يذهبوا إلى أبثيتنية فلم يدعهم الروح. فالحواريون كان لأمورهم أصلان : أحدهما العقل ، والثاني الإلهام. فبالنظر إلى الأول ، كانوا يحكمون في الأمور العامّة ، وبالنظر إلى الثاني في أمر الملّة المسيحية. فلذلك كان الحواريون يغلطون في أمور بيوتهم وإرادتهم مثل الناس الآخرين ، كما هو مصرّح في الآية ٣ و ٥ من الباب الثالث