الآية ٢٤ و ٢٥ من الباب الحادي والعشرين من إنجيل يوحنّا إلحاقيتان. فهذه المواضع السبعة عنده إلحاقيّة وليست إلهاميّة. وقال في الصفحة ٦١ : «قد اختلط الكذب الروايتي ببيان المعجزات التي نقلها لوقا. والكاتب ضمّه على طريقة المبالغة الشاعرية. لكن تميّز الصدق عن الكذب في هذا الزمان عسير». انتهى. فالبيان المختلط بالكذب والمبالغة الشاعرية ، كيف يكون إلهاميّا صرفا؟ وأقول : ظهر من كلام أكهارن الذي هو مختار كثير من العلماء المتأخرين من الجرمن أربعة أمور : الأول : إن الإنجيل الأصلي قد فقد. والثاني : إنه يوجد في هذه الأناجيل الروايات الصادقة والكاذبة. والثالث : إنه وقع فيها التحريف أيضا. وكان سلسوس من علماء الوثنيين يصيح في القرن الثاني أن المسيحيين بدّلوا أناجيلهم ثلاث مرات أو أربع مرات أو أزيد من هذا تبديلا كأن مضامينها أيضا بدّلت. والرابع : إنه لا توجد إشارة إلى هذه الأناجيل الأربعة قبل آخر القرن الثاني أو ابتداء القرن الثالث. ويقرب من رأيهم في الأمر الأول رأي ليكلرك وكوب وميكايلس ولسنك وينمير ومارش حيث قالوا : «لعلّ متّى ومرقس ولوقا كان عندهم صحيفة واحدة في اللسان العبري ، وكانت الأحوال المسيحية مكتوبة فيها ، فنقلوا عنها فنقل عنها متّى كثيرا ومرقس ولوقا قليلا». كما صرّح هورن في الصفحة ٢٩٥ من المجلد الرابع من تفسيره المطبوع سنة ١٨٢٢ من الميلاد. لكنه ما رضي بقوله ، وعدم رضاه لا يضرّنا.
السابع عشر : إن جمهور أهل الكتاب يقولون إن السفرين من أخبار الأيام صنّفهما النبي عزرا بإعانة حجي وزكريا الرسولين عليهماالسلام. فهذان السفران في الحقيقة من تصنيف الأنبياء الثلاثة ، وقد غلطوا في السفر الأول من أخبار الأيام. فقال علماء الفريقين من أهل الكتاب : «كتب هاهنا لأجل عدم التميّز بين المصنّف ابن الابن في موضع الابن وبالعكس» ، وقالوا أيضا : «إن عزرا الذي كتب هذا السفر ما كان له علم بأن بعض هؤلاء بنون أم بنو الأبناء ، وإن عزرا حصل له أوراق النسب التي نقل عنها ناقصة ، ولم يحصل التميّز بين الغلط والصحيح». كما ستعرف في المقصد الأول من الباب الثاني. فعلم أن هؤلاء الأنبياء ما كتبوا هذا الكتاب بالإلهام ، وإلّا لما اعتمدوا على الأوراق الناقصة ، ولما وقع الغلط منهم. ولا فرق بين هذا الكتاب والكتب الأخر عند أهل الكتاب ، فثبت أن الأنبياء كما أنهم ليسوا بمعصومين عن الذنوب عندهم ، فكذلك ليسوا بمعصومين عن الخطأ في التحرير ، فلا يثبت أن هذه الكتب كتبت بالإلهام. وإذ فرغت من الفصول الأربعة ، أقول : إن التوراة الأصلي وكذا الإنجيل الأصلي فقدا قبل بعثة محمد صلىاللهعليهوسلم والموجودان الآن بمنزلة كتابين من السّير مجموعين من الروايات