الشهادات بإسناد ، ثم أورد في كتاب الاعتصام بإسناد آخر ، ثم في كتاب الردّ على الجهمية بإسناد آخر وأنقله عن الكتابين الأخيرين مع عبارة القسطلاني في كتاب الاعتصام : «كيف تسألون أهل الكتاب؟» من اليهود والنصارى. والاستفهام إنكاري عن شيء من الشرائع «وكتابكم القرآن الذي أنزل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم أحدث» ، أقرب نزولا إليكم من عند الله. فالحدوث بالنسبة إلى المنزل عليهم وهو في نفسه قديم «تقرءونه محضا» خالصا لم يشب بضم أوله وفتح المعجمة ، لم يخلط فلا يتطرّق إليه تحريف ولا تبديل ، بخلاف التوراة والإنجيل «وقد حدّثكم» سبحانه وتعالى «إن أهل الكتاب» من اليهود وغيرهم «بدّلوا كتاب الله» التوراة «وغيّروه وكتبوا بأيديهم الكتاب وقالوا هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا ألا» بالتخفيف «لا ينهاكم ما جاءكم من العلم» بالكتاب والسّنّة «عن مسألتهم» بفتح الميم وسكون السين.
ولأبي ذرّ عن الكشميهني مساءلتهم بضمّ الميم وفتح السين بعدها ألف : «لا والله ما رأينا منهم رجلا يسألكم عن الذي أنزل عليكم ، فأنتم بالطريق الأولى أن لا تسألوهم». انتهى. وفي كتاب الردّ على الجهمية «يا معشر المسلمين ، كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء وكتابكم الذي أنزله الله على نبيّكم صلىاللهعليهوسلم أحدث الأخبار بالله» عزوجل لفظا ونزولا أو إخبارا من الله تعالى «محضا لم يشب» لم يخالطه غيره «قد حدّثكم الله عزوجل في كتابه أن أهل الكتاب قد بدّلوا من كتب الله وغيّروا فكتبوا بأيديهم» زاد أبو ذرّ الكتب. يشير إلى قوله تعالى يكتبون بأيديهم إلى يكسبون «قالوا هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا» عوضا يسيرا (أولا) بفتح الواو «ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم» ، وإسناد المجيء إلى العلم مجاز كإسناد النهي إليه ، «فلا والله ما رأينا رجلا يسألكم عن الذي أنزل عليكم» وللمستملي إليكم فلم تسألون أنتم منهم مع علمكم أن كتابهم محرّف. انتهى.
وفي كتاب الاعتصام قول معاوية رضي الله عنه في حق كعب الأحبار هكذا : «إن كان من أصدق هؤلاء المحدّثين الذين يحدّثون عن أهل الكتاب ، وإن كنّا مع ذلك لنبلو عليه الكذب» يعني أنه يخطئ فيما يقوله في بعض الأحيان لأجل أن كتبهم محرّفة مبدّلة. فنسبة الكذب إليه لهذا ، لا لكونه كذّابا ، فإنه كان عند الصحابة من خيار الأحبار. فقوله : (وإن كنّا مع ذلك) إلخ يدلّ صراحة على أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يعتقدون أن كتب أهل الكتاب محرّفة ، ومن طالع من أهل الإسلام هذه التوراة وهذا الإنجيل ثم ردّ على أهل الكتاب ، أنكرهما يقينا. وتأليفات الأكثر منهم توجد إلى الآن أيضا. فمن شاء فليرجع إلى تأليفاتهم.
قال صاحب تخجيل من حرّف الإنجيل في الباب الثاني من كتابه في حق هذه الأناجيل