المشهورة هكذا : «إنها ليست هي الأناجيل الحق المبعوث بها الرسول المنزلة من عند الله تعالى». انتهى كلامه بلفظه. ثم قال في الباب المذكور هكذا : «والإنجيل الحق إنما هو الذي نطق به المسيح». انتهى كلامه بلفظه. ثم قال في الباب التاسع في بيان فضائح النصارى : «وقد سلبهم بولس هذا من الدين بلطيف خداعه ، إذ رأى عقولهم قابلة لكل ما يلقى إليها. وقد طمس هذا الخبيث رسوم التوراة». انتهى كلامه بلفظه. فانظروا كيف ينكر هذه الأناجيل ، وكيف يشدّد على بولس ولبعض فضلاء الهند محاكمة على تقريري وتقرير صاحب ميزان الحق ، وضمّ محاكمته في آخر رسالة المناظرة التي طبعت سنة ١٢٧٠ باللسان الفارسي في بلدة دهلي. وهذا المحاكم لمّا رأى بعض علماء بروتستنت أنهم يدعون للتغليط أو لوقوعهم في الغلط ان المسلمين لا ينكرون هذا التوراة والإنجيل ، فاستحسن أن يستفتي في هذا الباب من علماء دهلي ، فاستفتى ، فكتب العلماء كلهم «أن هذا المجموع المشتهر الآن بالعهد الجديد ليس بمسلم عندنا وليس هذا هو الإنجيل الذي جاء ذكره في القرآن ، بل هو عندنا عبارة عن الكلام الذي أنزل على عيسى». وبعد حصول الفتوى أدرجها المحاكم في رسالة المحاكمة ، وضمّ هذه الرسالة برسالة المناظرة المذكورة لتنبيه العوامّ وعلماء الهند شرقا وغربا فتواهم كفتوى علماء دهلي ، ومن ردّ منهم على رسائل القسّيسين ، سواء كان من أهل السّنّة والجماعة أو من أهل التشيّع ، صرّح في هذا الباب تصريحا عظيما ، وأنكر هذا المجموع أشدّ الإنكار. وقال الإمام الهمّام فخر الدين الرازي قدسسره في كتابه المسمّى بالمطالب العالية في الفصل الرابع من القسم الثاني من كتاب النبوّات : «وأما دعوة عيسى عليهالسلام فكأنه لم يظهر لها تأثير إلّا في القليل ، وذلك لأنّا نقطع بأنه ما دعا إلى الدين الذي يقول به هؤلاء النصارى ، لأن القول بالأب والابن والتثليث أفجع أنواع الكفر وأفحش أقسام الجهل. ومثل هذا لا يليق بأجهل الناس فضلا عن الرسول المعظّم المعصوم. فعلمنا أنه ما كانت دعوته البتّة إلى هذا الدين الخبيث ، وإنما كانت دعوته التوحيد والتنزيه. ثم ان تلك الدعوة ما ظهرت البتّة بل بقيت مطويّة غير مروية. فثبت أنه لم يظهر لدعوته إلى الحق أثر البتّة». انتهى كلامه الشريف بلفظه.
وقال الإمام القرطبي في كتابه المسمّى بكتاب الأعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام ، في الباب الثالث هكذا : «إن الكتاب الذي بيد النصارى الذي يسمّونه بالإنجيل ليس هو الإنجيل الذي قال الله فيه على لسان رسوله صلىاللهعليهوسلم : «وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدىّ للناس». انتهى كلامه بلفظه. ثم أورد الدليل على هذه الدعوى ، وأثبت أن الحواريين ما كانوا أنبياء ولا معصومين عن الغلط ، وأن ما ادّعوه من كراماتهم لم ينقل شيء منها على التواتر ، بل هي أخبار آحاد غير صحيحة. ولو سلّمنا صحتها لما دلّت على صدقهم في كل