نسب المسيح. ولأجل الاختلاف الفاحش المذكور اختلف المسيحيون فيما بينهم ، فنبذ المؤرّخون النسخ الثلاث في هذا الأمر وراء ظهورهم وقالوا : إن الزمان المذكور ثلاثمائة واثنتان وخمسون (٣٥٢) وكذا ما اعتمد عليها يوسيفس اليهودي المؤرّخ المشهور ، وقال : إن هذا الزمان تسعمائة وثلاث وتسعون سنة (٩٩٣) ، كما هو منقول في تفسير هنري واسكات واكستائن الذي كان أعلم العلماء المسيحية في القرن الرابع من القرون المسيحية. وكذا القدماء الآخرون ، على أن الصحيح النسخة اليونانية واختاره المفسّر هارسلي في تفسير ذيل تفسير الآية الحادية عشر من الباب الحادي عشر من سفر التكوين ، وهيلز على أن الصحيح النسخة السامرية ، ويفهم ميل محقّقهم المشهور هورن إلى هذا في المجلد الأول من تفسير هنري واسكات : «إن أكستائن كان يقول : إن اليهود قد حرّفوا النسخة العبرانية في بيان زمان الأكابر الذين قبل زمن الطوفان وبعده إلى زمن موسى عليهالسلام ، وفعلوا هذا الأمر لتصير الترجمة اليونانية غير معتبرة ولعناد الدين المسيحي. ويعلم أن القدماء المسيحيين كانوا يقولون مثله ، وكانوا يقولون : إن اليهود حرّفوا التوراة في سنة مائة وثلاثين من السنين المسيحية». انتهى كلام التفسير المذكور. وقال هورن في المجلد الثاني من تفسيره : «إن المحقّق هيلز أثبت بالأدلّة القوية صحة النسخة السامرية ، ولا يمكن تلخيص دلائله هاهنا. فمن شاء فلينظر في كتابه من الصفحة الثمانين إلى الآخر. وان كني كات يقول : لو لاحظنا أدب السامريين بالنسبة إلى التوراة ، ولاحظنا عاداتهم ، ولاحظنا سكوت المسيح عليهالسلام حين المكالمة المشهورة التي وقعت بينه وبين الامرأة السامرية». وقصتها منقولة في الباب الرابع من إنجيل يوحنّا وفي هذه القصة هكذا «١٩ قالت له الامرأة : إني أرى أنك يا ربّ نبيّ ٢٠ وكان آباؤنا يسجدون في هذا الجبل (تعني جرزيم) وأنتم (أي اليهود) تقولون : المكان الذي ينبغي أن يسجد فيه في أورشليم. ولمّا علمت هذه الامرأة أن عيسى عليهالسلام نبيّ سألت عن هذا الأمر الذي هو من أعظم الأمور المتنازعة بين اليهود والسامريين ويدّعي كل فرقة فيه تحريف الأخرى ليتّضح لها الحق. فلو كان السامريون حرّفوا التوراة في هذا الموضع كان لعيسى عليهالسلام أن يبيّن هذا الأمر في جوابها. لكنه ما بيّن بل سكت عنه. فسكوته دليل على أن الحق ما عليه السامريون «ولو لاحظنا أمورا أخر ، لاقتضى الكل أن اليهود حرّفوا التوراة قصدا. وان ما قال محقّقو كتب العهد العتيق والجديد : إن السامريين حرّفوه قصدا لا أصل له». انتهى كلام هورن. فانظر أيها اللبيب أنهم كيف اعترفوا بالتحريف وما وجدوا ملجأ غير الإقرار.
الشاهد الثالث : إن الآية الرابعة من الباب السابع والعشرين من كتاب الاستثناء في النسخة العبرانية هكذا «فإذا عبرتم الأردن فانصبوا الحجارة التي أنا اليوم أوصيكم في جبل