وقديمة من كل نسخها الموجودة ، ولا شك لا حدّ في وثاقة بولس. فانفصل الأمر كله بشهادة هذه الثلاثة ، والتواريخ شاهدة على أن الحق في جانب هذه الثلاثة ، لأن إبراهيم عليهالسلام لمّا دخل كنعان ، فمن دخوله إلى ولادة إسحاق خمس وعشرون سنة ، وإن إسحاق كان ابن ستّين سنة حين تولد له يعقوب عليهالسلام ، وأن يعقوب لمّا دخل مصر كان ابن مائة وثلاثين سنة ، فالمجموع مائتان وخمس عشرة سنة ، وان مدة إقامة بني إسرائيل في مصر مائتان وخمس عشرة سنة ، فالكلّ أربعمائة وثلاثون سنة». انتهى. وجامعو تفسير هنري واسكات ، بعد ما سلّموا أن مدة إقامة بني إسرائيل في مصر مائتان وخمس عشرة سنة ، نقلوا عبارة السامرية فقالوا : «لا شبهة في أن هذه العبارة صادقة وتزيل كل مشكل وقع في المتن». انتهى. فظهر أن مفسّريهم لا توجيه عندهم لعبارة الخروج التي في النسخة العبرانية سوى الاعتراف بأنها غلط. وإنما قلت إن كلام بولس أيضا لا يخلو عن الخطأ ، لأنه اعتبر المدة من العهد ، وهذا العهد كان قبل ميلاد إسحاق عليهالسلام بسنة. كما هو مصرّح به في الباب السابع عشر من سفر التكوين. والآية الحادية والعشرون من الباب المذكور هكذا : «فأما ميثاقي فأقيمه لإسحاق الذي تلده لك سارة في هذا الحين في السنة الأخرى». ونزول التوراة في الشهر الثالث من خروج بني إسرائيل ، كما هو مصرّح به في الباب التاسع عشر من كتاب الخروج. فإذا لو اعتبرت بالحساب الذي صرّح به آدم كلارك يكون المدة بقدر أربعمائة وسبع سنين. وهو مصرّح به قي تواريخ فرقة بروتستنت أيضا لأربعمائة وثلاثين سنة كما ادّعى بولس في الصفحة ٣٤٥ من مرشد الطالبين هكذا : «سنة ٢١٠٧ ميثاق الله مع إبرام وتبديل اسمه بإبراهيم وتعيين الختان ونجاة لوط وهلاك هادوم وعامورا وأضما وصابوعيم بالنار من أجل فاحشاتهم وشرورهم». ثم في الصفحة ٣٤٧ هكذا : «٢٥١٤ منح الشريعة على جبل سينا ١٤٩٠». انتهى. فإذا طرحنا الأقل من الأكثر يبقى أربعمائة وسبع سنين (١) هكذا :
__________________
(١) ما قلت أن يوخايذ كانت عمّة عمران هو الصحيح ، وكما يشهد عليه التراجم غير العديدة من الإنكليزية والعربية والفارسية والهندية. لكن العجب أن الآية العشرين من الباب السادس من سفر الخروج في الترجمة العربية المطبوعة سنة ١٦٢٥ هكذا : «فتزوّج عمران يوخايذ ابنة عمّه» فحرّف فيها لفظ العمّة بابنة العمّ. ولمّا طبعت هذه الترجمة بغاية الاجتهاد في عهد البابا أربانوس الثامن ، وكان كثير من القسّيسين والرهبان والعلماء الواقفين على اللسان العبراني والعربي واليوناني وغيرها باذلين جهدهم في تصحيحها ، كما يظهر هذا من المقدمة التي كتبوها في أول تلك الترجمة ، فالغالب أن هذا التحريف صدر عنهم قصدا لئلا يقع العيب في نسب موسى عليهالسلام. لأن نكاح العمّة حرام في التوراة ، كما هو مصرّح به في الآية الثانية عشر من الباب الثامن عشر من سفر الأخبار وفي الآية التاسعة عشر من الباب العشرين من السفر المذكور وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة ١٨٤٨ هذا التحريف موجود أيضا.