القدماء أن متّى كتب إنجيله باللسان العبراني الذي كان لسان أهل فلسطين فليعد القول الذي اتفق عليه القدماء ـ يعني أن متّى كتب إنجيله باللسان العبراني ـ قولا فصلا في مثل هذا القسم». انتهى. قال جامعو تفسير هنري واسكات : «سبب فقدان النسخة العبرانية أن الفرقة الأبيونية التي كانت تنكر ألوهية المسيح حرّفت هذه النسخة وضاعت بعد فتنة يروشالم. وقال البعض : إن الناصريين أو اليهود الذين دخلوا في الملّة المسيحية حرّفوا الإنجيل العبراني ، وأخرجت الفرقة الأبيونية فقرات كثيرة منه. وكتب يوسي پيس في تاريخه : «قال أرينيوس : إن متّى كتب إنجيله بالعبراني». انتهى. قال ريو في تاريخه للإنجيل : «من قال إن متّى كتب إنجيله باليوناني غلط لأن يوسي پيس صرّح في تاريخه ، وكذا كثير من مرشدي الملّة المسيحية ، أن متّى كتب إنجيله بالعبراني لا اليوناني». انتهى.
ونورتن كتب كتابا ضخما أثبت فيه أن التوراة جعلي يقينا ، ليس من تصنيف موسى عليهالسلام. وأقرّ بالإنجيل ، لكن مع الاعتراف بالتحريفات الكثيرة فيه. ولذلك كلامه ليس بمقبول عند أهل التثليث. لكنه لمّا كان مدّعيا لكونه مسيحيا ، ونقل في هذا الباب من كلام القدماء المعتبرين عندهم أيضا ، فلا بأس بنقل كلامه ، فأقول : كتب في كتابه المطبوع سنة ١٨٣٧ ميلادية في بلدة بوستن في الصفحة ٤٥ من المجلد الأول في حاشية ديباجة الكتاب هكذا : «يعتقدون أن متّى كتب إنجيله باللسان العبراني ، لأن القدماء الذين أشاروا إلى هذا الأمر ، قولهم واحد بالاتفاق. واترك ذكر الذين ليسوا في غاية درجة الاستناد ، وأقول إن پي پيس وأرينيوس وارجن ويوسي پيس وجيروم ، أقرّوا بأنه كتب باللسان العبراني ، ولم يقل أحد من القدماء بخلافهم ، وهذه شهادة عظيمة جدا ، لأن التعصّب كان في ذلك الوقت فيما بينهم ، كما ترى في هذا الوقت فيما بين المتأخرين. فلو كان في قولهم شكّ ما لقال مخالفوهم ، لأجل التعصّب : إن الإنجيل اليوناني أصل لا ترجمة. فلو لم نرد شهادة الزمان القديم كله التي على طريقة واحدة ، ولا يلزم منها استحالة ما ، فلا بدّ أن نعتقد أن متّى كتب إنجيله بالعبراني. وما رأيت إلى هذا الحين اعتراضا على هذه الشهادة نحتاج بسببه إلى تحقيق ، بل رأيت بدل الاعتراض شهادة القدماء على أن النسخة العبرانية لهذا الإنجيل كانت موجودة عند المسيحيين الذين كانوا من قوم اليهود ، محرّفة كانت أو غير محرّفة». انتهى.
فعلم من الأقوال المذكورة أن متّى كتب إنجيله باللسان العبراني والحروف العبرانية ، والقدماء متّفقون على هذا لم يقل أحد منهم بخلافه. فيكون قولهم في هذا الباب قولا فصلا ، كما أقرّ به دوالي وروجر مينت ، وأن النسخة العبرانية كانت موجودة مستعملة إلى عهد جيروم ، وأنه لم يعلم اسم المترجم على وجه التحقيق. فظهر أن ما قال هورن مع اعترافه بما مر : «إن الغالب أن متّى كتب إنجيله باللسانين العبراني واليوناني». انتهى. لا يلتفت إليه