أحد ويحتاطون في التحرير عن هذه المغالطة ، ولذلك لا ترى في رسائلهم. أقول : يدّعي المخالف والموافق سلفا وخلفا دعوى صحيحة أن عادة أهل الكتاب التحريف ، ووقع منهم في الكتب السماوية. لكن قبل إيراد الشواهد لهذا الأمر ، أبيّن معنى لفظتين مستعملتين في كتب إسنادهم ، هما : لفظ اراته ، ولفظ ويريوس ريدنك. قال هورن في الصفحة ٣٢٥ من المجلد الثاني من تفسيره المطبوع سنة ١٨٢٢ من الميلاد (الفرق الحسن بين اراته يعني غلط الكاتب ، وبين ويريوس ريدنك يعني اختلاف العبارة ، ما قال ميكايلس أنه إذا وجد الاختلاف بين العبارتين وأكثر فلا تكون الصادقة إلّا واحدة ، والباقية إما أن تكون تحريفا قصديا أو سهوا لكاتب. لكن تمييز الصحيحة عن غيرها عسير غالبا. فإن بقي شك فيطلق على الكلّ اختلاف العبارة. وإذا علم صراحة أن الكاتب كتب هاهنا كذبا فيقال إنه غلط الكاتب». انتهى. فعلى المذهب المختار عند المحقّقين فرق بين اللفظين المذكورين. واختلاف العبارة المصطلح فيما بينهم هو التحريف المصطلح عندنا. فمن أقرّ باختلاف العبارة بالمعنى المذكور يلزم عليه الاعتراف بالتحريف. ووجد مثل هذه الاختلافات في الإنجيل ثلاثين ألفا على ما حقّق ميل ، ومائة ألف وخمسين ألفا على ما حقّق كريسباخ ، ولم يعلم عدده على تحقيق شولز الذي هو آخر المحقّقين. وفي المجلد التاسع عشر من إنسائي كلوپيديا برتينيكا في بيان لفظ اسكر بجران وتيس تنن جمع مثل هذه الاختلافات أزيد من ألف ألف.
إذا علمت هذا ، فأورد الشواهد في ثلاث هدايات. في الهداية الأولى انقل أقوال المخالفين. وفي الثانية أقوال الفرق التي تعدّ أنفسهم من المسيحيين. لكن فرق بروتستنت وفرقة كاتلك تعدّ أنها من المبتدعين. وفي الثالثة أقوال الذين هم مقبولون عند الفرقتين المذكورتين أو عند أحدهما.
الهداية الأولى : كان سلسوس من علماء المشركين الوثنيين في المائة الثانية من الميلاد ، وكتب كتابا في إبطال الدين المسيحي. ونقل أكهارن الذي هو من العلماء المشهورين من أهل الجرمن قول ذلك الفاضل المشرك في كتابه هكذا : «بدّل المسيحيون أناجيلهم ثلاث مرّات أو أربع مرات ، بل أزيد من هذا ، تبديلا كأن مضامينها بدّلت». انتهت. فانظروا أن هذا المشرك يخبر أن المسيحيين كانوا بدّلوا أناجيلهم إلى عهده أزيد من أربع مرات. والفرقة التي تنكر النبوّة والإلهام وهذه الكتب السماوية التي عند أهل الكتاب وكثرت جدا في ديار أوروبا ويسمّيها علماء بروتستنت بالملحدين. لو نقلت أقوالهم في التحريف فقط لطال الكلام. فأكتفي على نقل قولين. فمن شاء أزيد فليرجع إلى كتبهم التي هي منتشرة في أكناف العالم. قال پاركر منهم : «قالت ملّة بروتستنت : إن المعجزات الأزلية