الثامن عشر : الآية الثانية عشر من الباب السابع من الرسالة العبرانية هكذا : «لأن الكهانة لمّا بدّلت ، بدّل الناموس أيضا بالضرورة». ففي هذه الآية إثبات التلازم بين تبدّل الإمامة وتبدّل الشريعة. فإن قال المسلمون أيضا ، نظرا إلى هذا التلازم ، بنسخ الشريعة العيسوية ، فهم مصيبون في قولهم لا مخطئون. في تفسير دوالي ورجرد مينت ذيل شرح هذه الآية قول داكتر ميكائت هكذا : «بدّلت الشريعة قطعا بالنسبة إلى أحكام الذبائح والطهارة وغيرها». يعني رفعت.
التاسع عشر : الآية الثامنة عشر من الباب السابع المذكور هكذا : «لأن نسخ ما تقدّم من الحكم قد عرض لما فيه من الضعف وعدم الفائدة». ففي هذه الآية تصريح بأن نسخ أحكام التوراة لأجل أنها كانت ضعيفة بلا فائدة. في تفسير هنري واسكات : «رفعت الشريعة والكهانة اللّتان لا يحصل منهما التكميل ، وقام كاهن وعفو جديد يكمل منهما المصدّقون الصادقون».
العشرون : في الباب الثامن من العبرانية : «٧ فلو كان العهد الأول غير معترض عليه لم يوجد الثاني موضع ١٣ فبقوله عهدا جديدا صيّر الأول عتيقا أو الشيء العتيق والبالي قريب من الفناء». ففي هذا القول تصريح بأن أحكام التوراة كانت معيبة وقابلة للنسخ لكونها عتيقة بالية. في تفسير دوالي ورجرد مينت في ذيل شرح الآية الثالثة عشر قول يايل هكذا : «هذا ظاهر جدا أن الله تعالى يريد أن ينسخ العتيق الأنقص بالرسالة الجديدة الحسنى ، فلذلك يرفع المذهب الرسومي اليهودي ويقوم المذهب المسيحي مقامه».
الحادي والعشرون : في الآية التاسعة من الباب العاشر من العبرانية «فينسخ الأول حق يثبت الثاني». في تفسير دوالي ورجرد مينت في شرح الآية الثامنة والتاسعة قول يايل هكذا : «استدلّ الحواري في هاتين الآيتين وفيهما إشعار بكون ذبائح اليهود غير كافية ، ولذا تحمل المسيح على نفسه الموت ليجبر نقصانها ، ونسخ بفعل أحدهما استعمال الآخر». انتهى.
فظهر على اللبيب من الأمثلة المذكورة أمور : الأول : نسخ بعض الأحكام في الشريعة اللاحقة ليس بمختص بشريعتنا ، بل وجد في الشرائع السابقة أيضا. والثاني : ان الأحكام العملية للتوراة كلها ، أبدية كانت أو غير أبدية ، نسخت في الشريعة العيسوية. والثالث : ان لفظ النسخ أيضا موجود في كلام مقدّسهم بالنسبة إلى التوراة وأحكامها. والرابع : ان مقدّسهم أثبت الملازمة بين تبدّل الإمامة وتبدّل الشريعة. والخامس : ان مقدّسهم يدّعي أن الشيء العتيق البالي قريب من الفناء. فأقول : لمّا كانت الشريعة العيسوية بالنسبة إلى الشريعة المحمّديّة عتيقة ، فلا استبعاد في نسخها ، بل هو ضروري على وفق الأمر الرابع.