الموسوية والعيسوية ، وظهر أن ما يدّعيه أهل الكتاب من امتناع النسخ باطل لا ريب فيه. كيف لا ، وإن المصالح قد تختلف باختلاف الزمان والمكان والمكلّفين. فبعض الأحكام يكون مقدورا للمكلّفين في بعض الأوقات ، ولا يكون مقدورا في بعض أخر ، ويكون البعض مناسبا لبعض المكلّفين دون بعض. ألا ترى أن المسيح عليهالسلام قال مخاطبا للحواريين : «إن لي أمورا كثيرة أيضا لأقول لكم ، لكن لا تستطيعون الآن أن تحتملوا وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق». كما هو مصرّح به في الباب السادس عشر من إنجيل يوحنّا. وقال للأبرص الذي شفاه : «لا تخبر عن هذه الحال أحدا» ، كما هو مصرّح به في الباب الثامن من إنجيل متّى. وقال للأعميين اللذين فتح أعينهما : «لا تخبرا أحدا عن هذه الحال» ، كما هو مصرّح به في الباب التاسع من إنجيل متّى. وقال لأبوي الصبية التي أحياها : «لا تخبرا أحدا عمّا كان» ، كما هو مصرّح به في الباب الثامن من إنجيل لوقا. وأمر الذي أخرج الشياطين منه بأن ارجع إلى بيتك وأخبر بما صنع الله بك ، كما هو مصرّح به في الباب المذكور. وقد علمت في المثال السادس والثالث عشر من أمثلة القسم الأول ، وفي المثال الرابع من أمثلة القسم الثاني ما يناسب هذا المقام. وكذلك ما أمر به بنو إسرائيل بالجهاد على الكفّار ما داموا في مصر وأمروا بعد ما خرجوا.