بها على بطلان النّسخ في التوراة. فيلزم أن يكونوا واجبي القتل لأنهم لا يعظّمون السبت ، وناقض تعظيمه على حكم التوراة واجب القتل ، كما عرفت في المثال التاسع من أمثلة القسم الأول.
الحادي عشر : قد عرفت في المثال الثالث عشر أن الحواريين بعد المشاورة نسخوا جميع أحكام التوراة العملية غير الأربعة ، ثم نسخ بولس حرمة الثلاثة منها.
الثاني عشر : في الآية السادسة والخمسين من الباب التاسع من إنجيل لوقا قول المسيح عليهالسلام هكذا : «إن ابن الإنسان لم يأت ليهلك أنفس الناس بل ليخلّص». ومثله في إنجيل يوحنّا في الآية السابعة عشر من الباب الثالث ، وفي الآية السابعة والأربعين من الباب الثاني عشر ، ووقع في الآية الثامنة من الباب الثاني من الرسالة الثانية إلى أهل تسالونيقي هكذا : «وحينئذ سيستعلن الأثيم الذي الربّ يبيده بنفخة فمه ويبطله بظهوره». فالقول الثاني ناسخ للأول.
وقد علم من هذه الأمثلة الأربعة الأخيرة ، أعني من التاسع إلى الاثني عشر ، أن نسخ أحكام الإنجيل واقع بالفعل ، فضلا عن الإمكان حيث نسخ عيسى عليهالسلام بعض حكمه بحكمه الآخر ، ونسخ الحواريون بعض أحكامه بأحكامهم ، ونسخ بولس بعض أحكام الحواريين بل بعض قول عيسى عليهالسلام بأحكامه وقوله ؛ وظهر لك أن ما نقل عن المسيح عليهالسلام في الآية الخامسة والثلاثين من الباب الرابع والعشرين من إنجيل متّى ، والآية الثالثة والثلاثين من الباب الحادي والعشرين من إنجيل لوقا ، ليس المراد به أن قولا من أقوالي وحكما من أحكامي لا ينسخ ، وإلا يلزم تكذيب إنجيلهم ، بل المراد بقوله : كلامي هو الكلام المعهود الذي أخبر به عن الحادثات التي تقع بعده. وهي مذكورة قبل هذا القول في الإنجيلين. فالإضافة في قوله : كلامي للعهد لا للاستغراق. وحمل مفسّروهم أيضا هذا القول على ما قلت في تفسير دوالي ورجرد مينت في ذيل شرح عبارة إنجيل متّى وهكذا : «قال القسّيس بيروس مراده أنه تقع الأمور التي أخبرت بها يقينا. وقال دين أستاين هوب إن السماء والأرض ، وإن كانتا غير قابلتين للتبديل بالنسبة إلى الأشياء الأخر ، لكنهما ليستا بمحكمتين مثل أحكام إخباري بالأمور التي أخبرت بها. فتلك كلها تزول وإخباري بالأمور التي أخبرت بها لا تزول. بل القول الذي قلته الآن لا يتجاوز شيء منه عن مطلبه». انتهى. فالاستدلال بهذا القول ضعيف جدا والقول المذكور هكذا «السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول».
وإذا عرفت أمثلة القسّيسين ما بقي لك شك من وقوع النسخ بكلا قسميه في الشريعة