الألفاظ على بعض الحوادث التي حدّثوها وتغيّرها وعجزها من الحسّيّات. إنه إله أو ابن الله ، وينبذ جميع البراهين العقلية القطعية وكذا البراهين النقلية وراءه ..
الأمر الخامس : إن وقوع المجاز في غير المواضع التي مرّ ذكرها في الأمر الثالث والرابع كثير. مثلا وعد الله إبراهيم عليهالسلام في تكثير أولاده هكذا الآية السادسة عشر من الباب الثالث عشر من سفر التكوين : «وأجعل نسلك مثل تراب الأرض ، فإن استطاع أحد من الناس أن يحصي تراب الأرض فإنه يستطيع أن يحصي نسلك». والآية السابعة عشر من الباب الثاني والعشرين من السفر المذكور : «أباركك وأكثر نسلك كنجوم السماء ، ومثل الرمل الذي على شاطئ البحر إلخ» ... وهكذا وعد يعقوب عليهالسلام «بأن نسلك يكون مثل رمل الأرض». كما عرفت في الأمر الرابع. وأولادهما لم يبلغ مقدارهم عدد رطل رمل في الدنيا في وقت من الأوقات ، فضلا عن مقدار رمل شاطئ البحر أو رمل الأرض. ووقع في مدح الأرض التي كان وعد الله إعطاءها في الآية الثامنة من الباب الثالث من سفر الخروج وغيرها من الآيات بأنه يسيل فيها اللبن والعسل ، والأرض في الدنيا كذلك ، ووقع في الباب الأول من سفر الاستثناء هكذا : «والقرى عظيمة محصّنة إلى السماء». ووقع في الباب التاسع من السفر المذكور هكذا : «وأشدّ منك مدنا كبيرة حصينة مشيّدة إلى السماء». وفي الزبور السابع والسبعين هكذا : «واستيقظ الربّ كالنائم مثل الجبّار المفيق من الخمر ، فضرب أعداءه في الوراء وجعلهم عارا على الدهر». والآية الثالثة من الزبور المائة والثالث في وصف الله هكذا : «والمسقف بالمياه علاليه الذي جعل السحاب مركبه الماشي على أجنحة الرياح». وكلام يوحنّا مملوء من المجاز قلّما تخلو فقرة لا يحتاج فيها إلى تأويل ، كما لا يخفى على ناظر إنجيله ورسائله ومشاهداته. وأكتفي هاهنا على نقل عبارة واحدة من عباراته. قال في الباب الثاني عشر من المشاهدات هكذا : «١ وظهرت آية عظيمة في السماء امرأة متسربلة بالشمس والقمر تحت رجليها وعلى رأسها إكليل من اثني عشر كوكبا ٢ وهي حبلى تصرخ متمخّضة ومتوجّعة لتلده ٣ وظهرت آية أخرى في السماء هو ذا تنّين عظيم أحمر له سبعة رءوس وعشرة قرون وعلى رءوسه سبعة تيجان ٤ وذنبه يجرّ ثلث نجوم السماء ، فطرحها إلى الأرض والتّنين وقف أمام المرأة العتيدة أن تلد حتى يبتلع ولدها متى ولدت ٥ فولدت ابنا ذكرا عتيدا أن يرعى جميع الأمم بعصى من حديد واختطف ولدها إلى الله وإلى عرشه ٦ والمرأة هربت إلى البريّة حيث لها موضع معدّ من الله لكي يعولوها هناك ألفا ومائتين وستّين يوما ٧ وحدثت حرب في السماء. ميخائيل وملائكته حاربوا التّنين ، وحارب التنين وملائكته» إلى آخر كلامه. وهذا الكلام في الظاهر كلام المجاذيب ، فلو لم يؤوّل ، فمستحيل قطعا. وتأويله أيضا يكون بعيدا لا سهلا. وأهل الكتاب يؤوّلون الآيات المذكورة وأمثالها يقينا