والجزم في الفعل ، وزيادة الحروف عوض الحركات ، وما يشابه ذلك فكان سببا لهذا كله سذاجة كلام المسيحيين ، فصار لهم نوع تلك اللغة مخصوصا ، ولكن ليس في اللسان العربي فقط ، بل في اللاطيني واليوناني والعبراني تغافلت الأنبياء والرسل والآباء الأولون عن قياس الكلام لأنه لم يرد روح القدس أن نقيد اتساع الكلمة الإلهية بالحدود المضيقة التي حدتها الفرائض النحوية ، فقدم لنا الأسرار السماوية بغير فصاحة وبلاغة». انتهى كلامهم.
ويشهد على الدعوى الثانية أن أبا طالب خان السياح ألف كتابا باللسان الفارسي سماه بالمسير الطالبي ، وهو مشتمل على أحوال سياحته ، وكتب فيه من حالات كل إقليم ساح فيه ما رأى فيه من المحاسن والذمائم. فكتب محاسن أهل انكلتره وذمائمهم ، فأترجم الذميمة الثامنة من كتابه لتعلّق الحاجة بها في هذا المقام فقال : «الثامنة خطؤهم في معرفة حد العلوم ولسان الغير ، لأنهم يحسبون أنفسهم عارفي كل لسان ومن أهل كل علم إذا عرفوا ألفاظا معدودة من ذلك اللسان أو مسائل معدودة من ذلك العلم ويؤلفون الكتب فيهما وينشرون هذه المزخرفات بعد الطبع. ووقفت على هذا المعنى بشهادة الفرانساويين واليونانيين ، لأن تحصيل ألسنتهم رائج في أهل انكلتره ، وحصل لي اليقين بمشاهدة تصرفاتهم في اللسان الفارسي». انتهى. ثم قال : «اجتمع في لندن الكتب الكثيرة من هذا النوع ، بحيث كاد أن تبقى الكتب الحقة بعد برهة من الزمان غير مميزة». انتهى كلامه. وقولهم (على أنه يمكن أن تؤدي المطالب الباطلة إلخ) لا ورود له في حق القرآن لأنه مملوء من أوله إلى آخره بذكر هذه الأمور السبعة والعشرين ، ولا تجد آية طويلة فيه تكون خالية عن ذكر أمر من هذه الأمور : / ١ / الصفات الكاملة الإلهية مثل كونه واحدا وقديما وأزليا وأبديا وقادرا وعالما وسميعا وبصيرا ومتكلما وحكيما وخبيرا وخالق السموات والأرض ورحيما ورحمانا وصبورا وعادلا وقدوسا ومحييا ومميتا وغيرها. / ٢ / تنزيه الله عن المعايب والنقائص مثل الحدوث والعجز والجهل والظلم وغيرها. / ٣ / الدعوة إلى التوحيد الخالص والمنع عن الشرك مطلقا وعن التثليث الذي هو شعبة الشرك يقينا ، كما علمت في الباب الرابع. / ٤ / ذكر الأنبياء عليهمالسلام. / ٥ / تنزيههم عن عبادة الأوثان والكفر وغيرها. / ٦ / مدح المؤمنين بالأنبياء. / ٧ / ذم منكريهم. / ٨ / تأكيد الإيمان بالأنبياء عموما وبالمسيح خصوصا. / ٩ / الوعد بأن المؤمنين يغلبون المنكرين عاقبة الأمر. / ١٠ / حقيقة القيامة وجزاء الأعمال في يومها. / ١١ / ذكر الجنة والنار. / ١٢ / ذم الدنيا وبيان عدم ثباتها. / ١٣ / مدح العقبى وبيان ثباتها. / ١٤ / بيان حلّ الأشياء وحرمتها. / ١٥ / بيان أحكام تدبير المنزل. / ١٦ / بيان أحكام سياسات المدن. / ١٧ / التحريض على محبة الله وأهل الله. / ١٨ / بيان الأشياء التي هي ذريعة الوصول إلى