الرابع والثامن والعاشر والخامس عشر والسابع عشر والثامن عشر والثاني والعشرين والرابع العشرين والخامس والعشرين ليست بداخلة في هذه الستين ، بل مقصود ليكلرك ضبط المواضع التي فيها مخالفة كثيرة بين النسختين عنده. ولم يدخل في هذه الستين مما ذكرت إلا أربعة اختلافات. فإذا أخذنا جميع الاختلافات المذكورة في الشواهد الستة والعشرين بعد إسقاط المشترك صار اثنين وثمانين شاهدا من الاختلافات التي بين النسخ الثلاث للتوراة. فاكتفي عليها ، ولا أذكر الاختلافات التي بين العبرانية واليونانية بالنسبة إلى الكتب الأخرى من العهد العتيق خوفا من التطويل. وهذا القدر يكفي اللبيب. وظهر أن قول الطاعن باعتبار النوع الثالث أيضا ساقط عن الاعتبار بمثل سقوطه باعتبار النوعين الأولين (١).
الشّبهة الثالثة : يوجد في القرآن أن الهداية والضلال من جانب الله تعالى ، وأن الجنّة مشتملة على الأنهار والحور والقصور ، وأن الجهاد على الكفار مأمور به. وهذه المضامين قبيحة تدلّ على أن القرآن ليس كلام الله. وهذه الشّبهة أيضا من أقوى شبههم قلّما تخلو رسالة من رسائلهم تكون في ردّ أهل الإسلام ولا توجد فيها هذه الشبهة ، ولهم في بيانها ، على قدر اختلاف أذهانهم ، تقريرات عجيبة يتحير الناظر من تعصباتهم بعد ملاحظة هذه التقريرات.
أقول في الجواب عن الأمر الأول : أنه قد وقع في مواضع من كتبهم المقدسة أمثال هذا المضمون ، فيلزم عليهم أن يقولوا أن كتبهم المقدسة ليست من جانب الله يقينا. وأنا أنقل بعض الآيات عنها ليظهر الحال للناظر. الآية الحادية والعشرون من الباب الرابع من سفر الخروج هكذا : «وقال له الرب وهو راجع إلى مصر : انظر جميع العجائب التي وضعتها بيدك ، أعملها قدام فرعون ، فأنا أقسّي قلبه فلا يطلق الشعب». ثم قول الله في الآية الثالثة من الباب السابع من سفر الخروج هكذا : «إني أقسي قلب فرعون وأكثر آياتي وعجائبي في أرض مصر». وفي الباب العاشر من سفر الخروج هكذا : «١ وقال الرب لموسى أدخل عند فرعون لأني قسّيت قلبه وقلوب عبيده لكي أصنع به آياتي هذه ٢٠ وقسّى الرب قلب فرعون ولم يطلق بني إسرائيل ٢٧ فقسّى الرب قلب فرعون ولم يشأ أن يرسلهم». وفي الآية العاشرة من الباب الحادي عشر من سفر الخروج هكذا : «وقسّى الرب قلب فرعون فلم يرسل بني إسرائيل من أرضه». فظهر من هذه الآيات أن الله كان قد قسّى قلوب فرعون وعبيده لتكثير معجزات موسى عليهالسلام في أرض مصر. والآية الرابعة من الباب التاسع والعشرين من كتاب الاستثناء
__________________
(١) انتهى المؤلّف هنا من تعداد الاختلافات الواردة في كتب العهد القديم والتي يتضمّنها الاعتبار الثالث ، وذلك في متن جوابه الثاني على الشّبهة الثانية. وها هو ، في الفقرة التالية ، يستأنف ذكر الشبهات والردّ عليها.