أتى بهما عمر رضي الله عنه ألبسهما إياه ، وقال : الحمد لله الذي سلبهما كسرى وألبسهما سراقة. / ٣٠ / وقال لخالد رضي الله عنه حين وجهه لأكيدر ، إنك تجده يصيد البقر. فكان كما أخبر. وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند الشيخين : «ان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز يضيء لها أعناق الإبل ببصرى». وقد خرجت نار عظيمة على قرب مرحلة من المدينة وكان ابتداؤها يوم الأحد مستهل جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وستمائة وكانت خفيفة إلى ليلة الثلاثاء بيومها. ثم ظهرت ظهورا اشترك فيه الخاص والعام. ولعدم ظهورها ظهورا معتدا إلى يوم الثلاثاء ، خفي عن البعض ، وقال : ابتداؤها كان ثالث الشهر. وفي يوم الأربعاء ظهرت ظهورا شديدا ، واشتدت حركتها واضطربت الأرض بمن عليها وارتفعت الأصوات لخالقها ، ودامت آثار الحركة حتى أيقن أهل المدينة بوقوع الهلاك وزلزلوا زلزالا شديدا. فلما كان يوم الجمعة نصف النهار ثار في الجوّ دخان متراكم أمره متفاقم ، ثم شاع النار وعلّا حتى غشى الأبصار ، فسكنت بقريظة عند قاع التنعيم بطرف الحرة. ترى في صورة البلد العظيم عليها سور محيط عليه شراريف كشراريف الحصون وأبراج ومآذن ، ويرى رجال يقودونها لا تمرّ على جبل إلا دكّته وأذابته ، ويخرج من مجموع ذلك نهر أحمر ونهر أزرق له دوي كدوي الرعد يأخذ الصخور والجبال بين يديه. وكان يأتي المدينة ببركة النبيّ صلىاللهعليهوسلم نسيم بارد ، وكان انطفاؤها في السابع والعشرين من شهر رجب ليلة الإسراء والمعراج. وللشيخ قطب الدين القسطلاني تأليف في بيان حال هذه النار سماه بحمل الإيجاز في الإعجاز بنار الحجاز. فهذا الخبر من الأخبار العظيمة أيضا لأن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أخبر بخروج هذه النار قبل ظهورها بمقدار ستمائة وخمسين سنة تقريبا. وكتب في البخاري قبل ظهورها بمقدار أربعمائة سنة ، وصحيح البخاري في غاية درجة القبول من زمان التأليف إلى هذا الحين ، حتى أخذ تسعون ألف رجل سنده من الإمام المرحوم بلا واسطة في مدة حياته ، فلا مجال لعناد معاند في تكذيب هذا الخبر الصريح الصادق. وروى مسلم في كتاب الفتن من حديث ابن مسعود رضي الله عنه في أمر الدجال من طريق أبي قتادة عن يسير بن جابر قال : هاجت ريح حمراء بالكوفة ، فجاء رجل ليس له هجيري ، فقال : ألا يا عبد الله بن مسعود جاءت الساعة. قال : فقعد وكان متكئا ، فقال : إن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة. ثم قال بيده هكذا ونحاها نحو الشام ، فقال : عدوّ يجتمعون لأهل الشام ويجتمع لهم أهل الشام قلت : الروم يعني. قال : نعم ، ويكون عند ذلك القتال ردة شديدة ، أي هزيمة ، فيشترط المسلمون شرطة الموت لا ترجع إلا غالبة ، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل ، فيبقى هؤلاء وهؤلاء كلّ غير غالب وتفنى الشرطة. ثم يشترط المسلمون شرطة الموت لا ترجع إلا غالبة ، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل ، فيبقى هؤلاء وهؤلاء كلّ