إنجيل متّى هكذا : «١٤ لكي يتمّ ما قيل بأشعيا النبيّ القائل ١٥ أرض زبولون وأرض نفتاليم طريق البحر عبر الأردن جليل الأمم ١٦ الشعب الجالس في ظلمة أبصر نورا عظيما ، والجالسون في كورة الموت وظلاله أشرق عليهم نور». وهو إشارة إلى الآية الأولى والثانية من الباب التاسع من كتاب أشعيا وعبارته هكذا : «في الزمان الأول استخفت أرض زبولون وأرض نفتالي ، وفي الآخر تثقلت طريق البحر عبر الأردن جليل الأمم ٢ الشعب السالك في الظلمة رأى نورا عظيما. الساكنون في بلاد ظلال الموت أشرق عليهم نور». وفرّق ما بين العبارتين ، فإحداهما محرفة. ومع قطع النظر عن هذا ، إلا دلالة لكلام أشعيا على ظهور شخص ، بل الظاهر أن أشعيا عليهالسلام يخبر أن حال سكان أرض زبلون ونفتالي كان سقيما في سالف الزمان ثم صار حسنا ، كما تدل عليه صيغ الماضي ، أعني (استخفت وتثقلت ورأى وأشرق) وإن عدلنا عن الظاهر وحملنا على المجاز بمعنى المستقبل ، وقلنا أن رؤية النور وإشراقه عليهم عبارة عن مرور الصلحاء بأرضهم ، فادعاء أن مصداق هذا الخبر عيسى عليهالسلام فقط تحكم صرف ، لأن كثيرا من الأولياء والصلحاء مرّ بتلك الأرض ، سيما أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم وأولياء أمته أيضا الذين زالت ظلمة الكفر والتثليث من هذه الديار بسببهم وظهر نور التوحيد وتصديق المسيح كما ينبغي. وأكتفي خوفا من التطويل على هذا القدر ، ونقلت الأخبار الأخر أيضا في إزالة الأوهام وغيره من مؤلفاتي وبينت وجوه ضعفها.
الأمر السابع (١) : ان أهل الكتاب سلفا وخلفا ، عادتهم جارية بأنهم يترجمون غالبا الأسماء في تراجمهم ويوردون بدلها معانيها. وهذا خبط عظيم ومنشأ للفساد. وأنهم يزيدون تارة شيئا بطريف التفسير في الكلام الذي هو كلام الله في زعمهم ، ولا يشيرون إلى الامتياز. وهذان الأمران بمنزلة الأمور العادية عندهم. ومن تأمل في تراجمهم المتداولة بألسنة مختلفة ، وجد شواهد تلك الأمور كثيرة. وأنا أورد أيضا بطريق الأنموذج بعضا منها. / ١ / في الآية الرابعة عشر من الباب السادس عشر من سفر التكوين في الترجمة العربية المطبوعة سنة ١٦٢٥ وسنة ١٨٣١ وسنة ١٨٤٤ هكذا : «لذلك دعت اسم تلك البير بير الحي الناظرني فترجموا اسم البئر الذي كان في العبراني بالعربي. / ٢ / وفي الآية الرابعة عشر من الباب الثاني والعشرين من سفر التكوين في الترجمة العربية المطبوعة سنة ١٨١١ هكذا : «سمى إبراهيم اسم الموضع مكان يرحم الله زائره». وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة
__________________
(١) كان المؤلف قد أورد الأخبار التسعة في متن الأمر السادس الذي هو أحد الأمور التي يتضمّنها المسلك السادس (ص ١٨٣) من الفصل الأول من الباب السادس من هذا الكتاب. وهو في ما يلي من فقرات يتابع تفصيل أمور هذا المسلك.