رحمهالله في كتابه في حق بولس هذا مجيبا لبعض القسيسين في بحث مسألة الصوم هكذا : «قلنا ذلك ـ أي بولس ـ هو الذي أفسد عليكم أديانكم وأعمى بصائركم وأذهانكم ، ذلك هو الذي غيّر دين المسيح الصحيح الذي لم تسمعوا له بخبر ولا وقفتم منه على أثر ، هو الذي صرفكم عن القبلة وحلل لكم كل محرم كان في الملة. ولذلك كثرت أحكامه عندكم وتداولتموها بينكم». انتهى كلامه بلفظه. وقال صاحب تخجيل من حرّف الإنجيل في الباب التاسع من كتابه في بيان فضائح النصارى في حق بولس هذا هكذا : «وقد سلبهم بولس هذا من الدين بلطيف خداعه ، إذ رأى عقولهم قابلة لكل ما يلقي إليها ، وقد طمس هذا الخبيث رسوم التوراة». انتهى كلامه بلفظه. وهكذا أقوال علمائنا الآخرين. فكلامه عندنا مردود ، ورسائله المتضمنة بالعهد العتيق كلها واجبة الرد ، ولا نشتري قوله بحبة خردل. فلا أنقل عن أقواله في هذا المسلك شيئا ، ولا يكون قوله حجة علينا.
الإخبارات الواقعة في حق محمد صلىاللهعليهوسلم
وإذ عرفت هذه الأمور الثمانية ، أقول ان الإخبارات الواقعة في حق محمد صلىاللهعليهوسلم توجد كثيرة إلى الآن أيضا مع وقوع التحريفات في هذه الكتب. ومن عرف أولا طريق أخبار النبيّ المتقدم عن النبيّ المتأخر ، على ما عرفت في الأمر الثاني ، ثم نظر ثانيا بنظر الإنصاف إلى هذه الإخبارات وقابلها بالإخبارات التي نقلها الإنجيليون في حق عيسى عليهالسلام ، وقد عرفت نبذا منها في الأمر السادس ، جزم بأن الإخبارات المحمدية في غاية القوة. وأنقل في هذا المسلك عن الكتب المعتبرة عند علماء پروتستنت ثماني عشرة بشارة.
البشارة الأولى : في الباب الثامن عشر من سفر الاستثناء هكذا : «١٧ فقال الرب لي نعم جميع ما قالوا ١٨ وسوف أقيم لهم نبيّا مثلك من بين اخوتهم ، وأجعل كلامي في فمه ويكلمهم بكل شيء آمره به ١٩ ومن لم يطع كلامه الذي يتكلم به باسمي. فأنا أكون المنتقم من ذلك ٢٠ فأما النبيّ الذي يجترئ بالكبرياء ويتكلم في اسمي ما لم آمره بأنه يقوله أم باسم آلهة غيري فليقتل ٢١ فإن أحببت وقلت في قلبك كيف أستطيع أن أميز الكلام الذي لم يتكلم به الرب ٢٢ فهذه تكون لك آية ان ما قاله ذلك النبيّ في اسم الرب ولم يحدث ، فالرب لم يكن تكلم به بل ذلك النبيّ صوره في تعظيم نفسه ، ولذلك لا تخشاه». وهذه البشارة ليست بشارة يوشع عليهالسلام ، كما يزعم الآن أحبار اليهود ، ولا بشارة عيسى عليهالسلام ، كما زعم علماء پروتستنت ، بل هي بشارة محمد صلىاللهعليهوسلم لعشرة أوجه :
الوجه الأول : قد عرفت في الأمر الثالث أن اليهود المعاصرين لعيسى عليهالسلام كانوا