تقبل المسيح عليهالسلام إلى ظهوره ليرد كل شيء إلى أصله ، ويمحق الشرك والتثليث وعبادة الأوثان ، ولا يرتاب أحد من كثرة أهل التثليث في هذا الزمان الأخير ، لأن هذا الصادق المصدوق قد أخبرنا على أتم تفصيل وأكمل وجه بحيث لا يبقى ريب ما بكثرتهم وقت قرب ظهور المهدي رضي الله عنه ، وهذا الوقت قريب إن شاء الله ، وسيظهر الإمام ويظهر الحق عن قريب ، ويكون الدين كله لله جعلنا الله من أنصاره وخدامه آمين.
الوجه الثامن : انه صرّح في هذه البشارة بأن النبيّ الذي ينسب إلى الله ما لم يأمره يقتل. فلو لم يكن محمد صلىاللهعليهوسلم نبيا حقا لكان يقتل. وقد قال الله في القرآن المجيد أيضا : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ) [الحاقة : ٤٤ ـ ٤٦]. وما قتل ، بل قال الله في حقه : (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) [المائدة : ٦٧]. وأوفى وعده ولم يقدر على قتله أحد حتى لقي الرفيق الأعلى صلىاللهعليهوسلم. وعيسى عليهالسلام قتل وصلب على زعم أهل الكتاب. فلو كانت هذه البشارة في حقه لزم أن يكون نبيّا كاذبا كما يزعمه اليهود ، والعياذ بالله.
الوجه التاسع : إن الله بيّن علامة النبيّ الكاذب أن أخباره عن الغيب المستقبل لا يخرج صادقا ، ومحمد صلىاللهعليهوسلم أخبر عن الأمور الكثيرة المستقبلة ، كما علمت في المسلك الأول وظهر صدقه فيها. فيكون نبيا صادقا لا كاذبا.
الوجه العاشر : إن علماء اليهود سلموا كونه مبشّرا به في التوراة. لكن بعضهم أسلم وبعضهم بقي في الكفر. كما أن قيافا ، وكان رئيس الكهنة ونبيا على زعم يوحنا ، عرف أن عيسى هو المسيح الموعود به ولم يؤمن ، بل أفتى بكفره وقتله ، كما صرّح به يوحنا في الباب الحادي عشر والثامن عشر من إنجيله. من حديث مخيريق وكان حبرا عالما كثير المال من النخل ، وكان يعرف رسول الله صلىاللهعليهوسلم بصفته ، وغلبت عليه ألفة دينه ، فلم يزل على ذلك حتى كان يوم أحد وكان يوم السبت. فقال يا معشر اليهود والله إنكم لتعلمون أن نصر محمد عليكم الحق. قالوا فإن اليوم يوم السبت. قال لا سبت. ثم أخذ سلاحه وخرج حتى أتى إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم بأحد وكان يوم السبت ، وعهد إلى من وراءه من قومه إن قتلت هذا اليوم فما لي لمحمد يصنع فيه ما أراه الله تعالى. فقاتل حتى قتل. فكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول مخيريق خير يهودي. وقبض رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمواله. فعامة صدقات رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالمدينة منها. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيت المدارس ، فقال : اخرجوا إليّ أعلمكم. فقالوا : عبد الله بن صوريا ، فخلا به رسول الله صلىاللهعليهوسلم فنا شده بدينه وبما أنعم الله عليهم ، وأطعمهم من المن والسلوى ، وظللهم من الغمام : أتعلم أني رسول الله؟ قال اللهم نعم ،