وأن القوم يعرفون ما أعرف ، وأن صفتك ونعتك لمبين في التوراة ، ولكن حسدوك. قال فما يمنعك أنت؟ قال أكره خلاف قومي ، عسى أن يتبعوك ويسلموا فأسلم. وعن صفية بنت حيي رضي الله عنها : لما قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة ونزل قباء ، غدا عليه أبي حيي بن أخطب وعمي أبو ياسر بن أخطب مفلسين ، فلم يرجعا حتى كان غروب الشمس ، فأتيا كالين كسلانين ساقطين يمشيان الهوينا. فهششت إليهما. فما التفت إليّ أحد منهما مع ما بهما من الهم. فسمعت عمي أبا ياسر يقول لأبي أهو هو؟ (أي المبشّر به في التوراة) قال نعم والله. قال أتثبته وتعرفه؟ قال نعم. قال فما في نفسك منه؟ قال عداوته والله ما بقيت أبدا ، فتلك عشرة كاملة فإن قيل ان اخوة بني إسرائيل لا تنحصر في بني إسماعيل لأن بني عيسو وبني أبناء قطورا زوجة إبراهيم عليهماالسلام من اخوتهم أيضا. قلت نعم هؤلاء أيضا من اخوة بني إسرائيل ، لكنهم لم يظهر أحد منهم يكون موصوفا بالأمور المذكورة. ولم يكن وعد الله في حقهم أيضا بخلاف بني إسماعيل ، فإنهم كان وعد الله في حقهم لإبراهيم ولهاجر عليهماالسلام مع أنه لا يصح أن يكون مصداق هذا الخبر بني عيسو على ما هو مقتضى دعاء إسحاق عليهالسلام المصرّح به في الباب السابع والعشرين من سفر التكوين. ولعلماء پروتستنت اعتراضان نقلهما صاحب الميزان في كتابه المسمى بحل الاشكال في جواب الاستفسار الأول ، أنه وقع في الآية الخامسة عشر من الباب الثامن عشر من سفر الاستثناء هكذا : «فإن الرب إلهك يقيم من بينك من بين اخوتك». إلخ. فلفظ (من بينك) يدل دلالة ظاهرة على أن هذا النبيّ يكون من بني إسرائيل ، لا من بني إسماعيل. والثاني أن عيسى عليهالسلام نسب هذه البشارة إلى نفسه ، فقال في الآية السادسة والأربعين من الباب الخامس من إنجيل يوحنا أن موسى كتب في حقي. أقول : آية الاستثناء على وفق التراجم الفارسية وتراجم أردو هكذا : «فإن الرب إلهك يقيم من بينك من بين اخوتك نبيا مثلي فاسمع منه». والقسيس أيضا نقلها هكذا. والجواب أن اللفظ المذكور لا ينافي مقصودنا ، لأن محمدا عليهالسلام لما هاجر إلى المدينة وبها تكامل أمره ، وقد كان حول المدينة بلاد اليهود كخيبر وبني قينقاع والنضير وغيرهم ، فقد قام من بينهم. ولأنه إذا كان من إخوتهم فقد قام من بينهم ، ولأن قوله (من بين اخوتك) بدل من قوله (من بينك) بدل اشتمال ، على رأي ابن الحاجب ومتبعيه القائلين بكافة علاقة الملابسة غير الكلية والجزئية في تحقق هذا البدل ، نحو جاءني زيد أخوه وجاءني زيد غلامه ، وبدل اضراب على رأي ابن مالك. وعلى كلّا التقديرين المبدل منه غير مقصود. ويدل على كونه غير مقصود أن موسى عليهالسلام ، لما أعاد هذا الوعد من كلام الله في الآية الثامنة عشر لا يوجد فيه لفظ (من بينك). ونقل بطرس الحواري أيضا هذا القول ، ولا يوجد فيه هذا اللفظ ، كما علمت في الوجه السابع. وكذا نقله استفانوس أيضا ، ولا يوجد في نقله أيضا هذا