اللفظ كما صرّح به في الباب السابع من كتاب الأعمال وعبارته هكذا : «هذا هو موسى الذي قال لبني إسرائيل نبيّا مثلي سيقيم لكم الرب إلهكم من اخوتكم له تسمعون». فسقوطه في هذه المواضع دليل على كونه غير مقصود فاحتمال البدل قوي جدا. وقال صاحب الاستفسار : «إن لفظ (من بينك) الحاقي زيد تحريفا ويدلّ عليه ثلاثة أمور : الأول : ان المخاطبين في هذا الموضع كانوا بني إسرائيل كلهم لا البعض. فقوله (من بينك) خطاب إلى جميع القوم. فصار لفظ (من اخوتك) لغوا محضا لا معنى له. لكن لفظ (من اخوتك) جاء في الموضع الآخر أيضا فيكون صحيحا ولفظ (من بينك) إلحاقيا زيد تحريفا. والثاني : ان موسى عليهالسلام ، لما نقل كلام الله لإثبات قوله لا يوجد فيه هذا اللفظ ، ولا يجوز أن يكون ما قال موسى مخالفا لما قاله الله. والثالث : إن الحواريين ، كلما نقلوا هذا الكلام لا يوجد فيه لفظ (من بينك) وإن قلتم ان المحرّف إذا حرف فلم لم يحرف الكلام كله؟ قلت نحن نرى في محكمات العدالة دائما أن القبالجات المحرفة يثبت تحريف الألفاظ المحرفة فيها من مواضع أخرى ـ منها غالبا ، وأن شهود الزور يؤخذون ببعض بياناتهم. فالوجه الوجيه على أن عادة الله جارية بأنه لا يهدي كيد الخائنين ويظهر خيانة خائن بمقتضى مرحمته. فمقتضى هذه العادة يصدر عن الخائن شيء ما تظهر به خيانته. على أنه لا توجد ملة يكون أهلها كلهم خائنين ، فالخائنون الذين حرّفوا كتب العهدين كان لهم لحاظ ما من جانب بعض المتدينين فلذلك ما بدلوا الكل». انهى. أقول هذا الجواب بالنسبة إلى عادة أهل الكتاب النسيب ، كما عرفت في الأمر السابع. وأقول في الجواب عن الاعتراض الثاني ، ان آية الإنجيل هكذا : «لأنكم لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقونني لأنه هو كتب عني». وليس فيها تصريح بأن موسى عليهالسلام كتب في حقه في الموضع الفلاني ، بل المفهوم منه أن موسى كتب في حقه. وهذا يصدق إذا وجد في موضع من مواضع التوراة إشارة إليه. ونحن نسلم هذا الأمر كما ستعرف في ذيل بيان البشارة الثالثة. لكنا ننكر أن يكون قوله إشارة إلى هذه البشارة للوجوه التي عرفتها. وقد ادّعى هذا المعترض في الفصل الثالث من الباب الثاني من الميزان أن الآية الخامسة عشر من الباب الثالث من سفر التكوين إشارة إليه. فهذا القدر يكفي لتصحيح قول عيسى عليهالسلام. نعم لو قال عيسى عليهالسلام ان موسى عليهالسلام ما أشار في أسفاره الخمسة إلى نبي من الأنبياء إلا إليّ لكان لهذا التوهم مجال في ذلك الوقت.
البشارة الثانية (١) : الآية الحادية والعشرون من الباب الثاني والثلاثين من سفر الاستثناء
__________________
(١) يتابع المؤلف تعداد البشارات التي يراها في كتب العهد القديم والدالّة على محمد صلىاللهعليهوسلم وهذا التعداد يستمرّ تأليفا ، ضمن المسلك السادس من الفصل الأول من الباب السادس من هذا الكتاب. ولكننا آثرنا فصل ـ