هذا الاحتمال بعيد جدا لأن المسلمين ما التفتوا إلى هذه الأناجيل الأربعة أيضا ، فكيف إلى إنجيل برنابا. ويبعد أن يؤثر تحريف أحد من المسلمين في إنجيل برنابا تأثيرا يتغير به النسخ الموجودة عند المسيحيين أيضا. وهم يزعمون أن علماء أهل الكتاب من اليهود والنصارى الذين أسلموا نقلوا عن كتب العهدين البشارات المحمدية وحرفوها. فعلى زعمهم أقول : ان هؤلاء العلماء الكبار حرفوا على زعمهم ، ولم يؤثر تحريف هؤلاء في كتبهم التي كانت موجودة عندهم في مواضع هذه البشارات. فكيف أثر تحريف بعض المسلمين في إنجيل برنابا في النسخ التي كانت عندهم؟ فهذا الاحتمال واه ضعيف جدا واجب الرد (١). وقال الفاضل حيدر علي القرشي في كتابه المسمى بخلاصة سيف المسلمين الذي هو بلسان أردو في الصفحة ٦٣ و ٦٤ : «ان القسيس أوسكان الأرمني ترجم كتاب أشعيا باللسان الأرمني في سنة ألف وستمائة وست وستين ، وطبعت هذه الترجمة في سنة ألف وسبعمائة وثلاث وثلاثين في مطبع انتوني پورتولي. ويوجد في هذه الترجمة في الباب الثاني والأربعين هذه الفقرة سبحوا الله تسبيحا جديدا وأثر سلطنة على ظهره واسمه أحمد. انتهت. وهذه الترجمة موجودة عند الأرامن. فانظروا فيها». انتهى كلامه. أقول : هذه الترجمة لم تصل إليّ وما اطلعت عليها. لكن هذا الفاضل لعلّه رآها واطلع عليها. ولا شك أن هذه الفقرة عظيمة النفع ، وإن لم تكن هذه الترجمة معتبرة عند علماء پروتستنت. ومن أسلم من علماء اليهود والنصارى في القرن الأول شهد بوجود البشارات المحمدية في كتب العهدين مثل عبد الله بن سلّام وابني سعية وبنيامين ومخيريق وكعب الأحبار وغيرهم من علماء اليهود ، ومثل بحيرا ونسطور الحبشي وضفاطر وهو الأسقف الرومي الذي أسلم على يد دحية الكلبي وقت الرسالة فقتلوه ، والجارود والنجاشي والقسوس والرهبان الذين جاءوا مع جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ، وغيرهم من علماء النصارى وقد اعترف بصحة نبوّته وعموم رسالته هرقل قيصر الروم ومقوقس صاحب مصر وابن صوريا وحيي بن أخطب وأبو ياسر بن أخطب وغيرهم ممن حملهم الحسد على الشقاء ولم يسلموا. وروي أنه عليهالسلام لما أورد الدلائل على نصارى نجران ، ثم أنهم أصروا على جهلهم ، فقال عليهالسلام : ان الله أمرني إن لم تقبلوا الحجة أن أباهلكم.
__________________
(١) نقلنا هذا الإخبار أولا في الكتاب الإعجاز العيسوي عن الترجمة المطبوعة سنة ١٨٥٠ من الميلاد ، وطبع هذا الكتاب سنة ١٢٧١ من الهجرة وسنة ١٨٥٤ من الميلاد ، واشتهر في أقطار الهند. وتراجمهم وكتبهم تتغير في الطبع المتأخر بالنسبة إلى الطبع المتقدم تغييرا ما ، كما نبهت في مقدمة الكتاب أيضا. فإن لم يجد الناظر هذه البشارة في بعض نسخ الترجمة المذكورة المطبوعة في سنة غير السنة المذكورة لا يقع فيّ شك ، سيما إذا كان هذا البعض من النسخ المطبوعة في سنة متأخرة عن ألف وثمانمائة وأربع وخمسين من الميلاد. لأن علماء پروتستنت لو أسقطوا في طبعهم هذه البشارة من الترجمة المذكورة ، فلا يستبعد من عادتهم التي صارت بمنزلة الأمر الطبيعي لهم.