رسائلهم بتقريرات عجيبة مموهة منشؤها العناد الصرف. وأنا أمهد قبل تحرير الجواب أمورا خمسة :
الأمر الأول : ان الله يبغض الكفر ويجازي عليه في الآخرة يقينا. وكذا يبغض العصيان. وقد يعاقب الكفار والعصاة في الدنيا أيضا. فيعاقب الكفار تارة بالإغراق عموما ، كما في عهد نوح عليهالسلام ، فإنه أهلك كل ذي حياة غير أهل السفينة بالطوفان ، وتارة بالإغراق خصوصا كما في عهد موسى عليهالسلام حيث أغرق فرعون وجنوده ، وتارة بالإهلاك مفاجأة ، كما أهلك أكبر الأولاد لكل إنسان وبهيمة من أهل مصر في ليلة خرج بنو إسرائيل فيها من مصر ، كما هو مصرّح به في الباب الثاني عشر من سفر الخروج ، وتارة بإمطار الكبريت والنار من السماء وقلب المدن كما في عهد لوط عليهالسلام ، فإنه أهلك سادوم وعمورة ونواحيهما بإمطار الكبريت والنار وقلب المدن ، وتارة بإهلاكهم بالأمراض كما أهلك الأسدوديين بالبواسير ، كما هو مصرّح به في الباب الخامس من سفر صموئيل الأول ، وتارة بإرسال الملك لإهلاكهم ، كما فعل بعسكر الآثوريين حيث أرسل ملكا فقتل منهم في ليلة واحدة مائة وخمسة وثمانين ألفا ، كما هو مصرّح به في الباب التاسع عشر من سفر الملوك الثاني ، وتارة يكون بجهاد الأنبياء ومتبعيهم ، كما ستعرف في الأمر الثاني. وكذا يعاقب العصاة أيضا وتارة بالخسف والنار ، كما أهلك قورح وداثان وأبيرم وغيرهم لما خالفوا موسى عليهالسلام فانفلقت الأرض وابتلعت قورح وداثان وأبيرم ونساءهم وأولادهم وأثقالهم ، ثم خرجت نار فأكلت مائتين وخمسين رجلا ، كما هو مصرّح به في الباب السادس عشر من سفر العدد. وتارة بالإهلاك مفاجأة ، كما أهلك أربعة عشر ألفا وسبعمائة لما خالف بنو إسرائيل في غد هلاك قورح وغيره. ولو لم يقم هارون عليهالسلام بين الموتى والأحياء ولم يستغفر للقوم لهلك الكل بغضب الرب في هذا اليوم ، كما هو مصرّح به في الباب المذكور. وكما أهلك خمسين ألفا وسبعين رجلا من أهل بيت الشمس على أنهم رأوا تابوت الله ، كما هو مصرّح به في الباب السادس من سفر صموئيل الأول. وتارة بإرسال الحيات المؤذية ، كما أن بني إسرائيل لما خالفوا موسى عليهالسلام مرة أخرى ، أرسل الله عليهم الحيات المؤذية فجعلت تلدغهم فمات كثير منهم ، كما هو مصرّح به في الباب الرابع والعشرين من سفر العدد. وتارة بإرسال الملك كما أهلك سبعين ألفا في يوم واحد على أن داود عليهالسلام عد بني إسرائيل ، كما هو مصرّح به في الباب الرابع والعشرين من سفر صموئيل الثاني. وقد لا يعاقب الكفار والعصاة في الدنيا. ألا ترى أن الحواريين ، على زعم المسيحيين ، كانوا أفضل من موسى وسائر الأنبياء الإسرائيلية ومن تابوت الله ، وإن قاتليهم عند المسيحيّين أسوأ من كفار عهد نوح ولوط وموسى عليهمالسلام ، وقتل نيرو الظالم المشرك الذي كان ملك ملوك الروم بطرس الحواري