ظلم. أو أن يقول إن جهادات داود عليهالسلام وجهادات سائر الأنبياء الإسرائيلية عليهمالسلام ، أو أن ذبح إيليا عليهالسلام أربعمائة وخمسين رجلا من أنبياء بعل ، أو أن قتل عيسى عليهالسلام بعد نزوله الدجال وعسكره ، ظلم. لا يجوّز العقل أن يفعل الله أو يأمر أحدا بأمثال هذا الظلم. وكذا لا يجوز أن يقول إن قتل الذابح للأوثان ، كذا قتل من يرغب إلى عبادة غير الله ، وكذا قتل أهل القرية كلها إذا ثبت منهم الترغيب ، وكذا قتل موسى عليهالسلام ثلاثة وعشرين ألفا من عبدة العجل ، وكذا قتل موسى عليهالسلام أربعة وعشرين ألفا من الذين زنوا ببنات مواب وسجدوا لآلهتهن ، ظلم شنيع. وفي هذه الأحكام إجبار بأن يثبت الإنسان على الشريعة الموسوية لأجل خوف القتل والرجم. وظاهر أن الإيمان القلبي لا يمكن أن يحصل بالإجبار ، بل يستحيل أن يحصل للإنسان محبة الله أيضا بالإجبار. فأمثال هذه الأحكام لا تكون من جانب الله. نعم من لا يكون معتقدا بالنبوّة والشرائع ، ويكون ملحدا وزنديقا وينكر أمثال هذه الأمور لم يستبعد منه ، لكنا لا كلام لنا معه في هذا الكتاب ، بل كلامنا فيه مع المسيحيين عموما وعلماء پروتستنت خصوصا.
الأمر الرابع : ان علماء پروتستنت يدّعون كذبا أن دين الإسلام شاع بالسيف. وهذا الادعاء غير صحيح ، كما علمت في الأمر السابع من مقدمة الكتاب. وأفعالهم غير أقوالهم. فإنهم ، وكذا أسلافهم من أهل التثليث ، إذا تسلّطوا تسلطا تاما اجتهدوا في إمحاء المخالفين. وأنا أنقل بعض الحالات من كتبهم ورسائلهم. فأنقل حالهم بالنسبة إلى اليهود من كتاب كشف الآثار في قصص أنبياء بني إسرائيل الذي عرفته في بيان الأمر الثاني. فأقول : قال صاحبه في الصفحة ٢٧ : «القسطنطين الأعظم الذي كان قبل الهجرة بثلاثمائة سنة تقريبا أمر بقطع آذان اليهود وإجلائهم إلى أقاليم مختلفة. ثم أمر ملك الملوك الرومي في القرن الخامس من القرون المسيحية بإخراجهم من البلدة السكندرية التي كانت مأمنهم من مدة. وكانوا يجيئون إليها من كل جانب فيستريحون فيها. وأمر بهدم كنائسهم ومنع عبادتهم وعدم قبول شهادتهم وعدم نفاذ الوصية إن أوصى أحد منهم لأحد في ماله. ولما ظهر منهم بغاوة ما لأجل هذه الأحكام نهب جميع أموالهم ، وقتل كثيرا منهم ، وسفك الدماء بظلم ارتعد به جميع يهود هذا الاقليم». ثم قال في الصفحة ٢٨ : «ان يهود البلد انطيوح لما أسروا ، بعد ما صاروا مغلوبين ، قطع أعضاء البعض وقتل البعض وأجلى الباقين منهم كلهم ، وظلم ملك الملوك في جميع مملكته هؤلاء المشاركين بأنواع الظلم. ثم أجلاهم من مملكته آخر الأمر ، وهيج ولاة الممالك الأخرى على أن يعاملوا اليهود هذه المعاملة. فكان حالهم أنهم تحملوا الظلم من آسيا إلى أقصى حدّ أوروبا. ثم بعد مدة قليلة كلفوا في مملكة إسبنيول لقبول شرط من الشروط الثلاثة أن يقبلوا الملة المسيحية فإن أبوا عن قبولها يكونون محبوسين ، وإن أبوا عن