بقصاص العصاة بالعقوبات الكنائسية ، وبأن تسلم المصرين على ضلالهم والمضرين للجمهور إلى ذوي الولاية ليعاقبوهم بالموت ، وبالتالي يمكنها إلزامهم بحفظ الإيمان الكاتلكي والشرائع الكنائسية تحت أي قصاص كان. وقد نقل قولهم هذا إسحاق بردكان من علماء پروتستنت في كتابه المسمى بكتاب الثلاث عشرة رسالة في الرسالة الثانية عشر من الصفحة ٣٦٠ من النسخة المطبوعة سنة ١٨٤٩ في بيروت. وقال علماء پروتستنت من أهل انكلترا : سعادة الملك له الحكم الأعلى في مملكة انكلترا هذه وفي ولاياته الأخر ، وله السلطنة الأولى على جميع متعلقات هذه المملكة ، سواء كانت كنائسية أو مدنيّة في كل حال ، وما هي خاضعة بل لا يصح أن تخضع لحاكم أجنبي. ويجوز للمسيحيين أن يتقلدوا السلاح بأمر الحكام ويباشروا الحروب ، كما هو مصرّح به في العقيدة السابعة والثلاثين من عقائد دينهم. فترك كلا الفريقين ظاهر أقوال عيسى عليهالسلام ، أعني «لا تقاوموا الشرّ ، بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر ، ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضا ، ومن سخرك ميلا واحدا فاذهب معه اثنين ، من سألك فاعطه». فإن هذه الأقوال تخالف ما مهدوه. ولو عملوا على هذه الأقوال ، لا أقول أزيد من هذا ، أن سلطنة الانكليز تزول في الهند في أيام معدودة ، ويخرجهم أهل الهند بلا كلفة. ولذلك قال بعض الظرفاء الأذكياء أطال الله حياته قادحا على هذه الأقوال إلزاما «تكليف للإنسان بما ليس في وسعه ولا يمكن لدولة ما أن تعمل به ، ولا يمكن إلزام أحد به إلا بعض الصيادين الذين لا رداء لهم فيؤخذ منهم ولا يعبئون بإضاعة الوقت». انتهى كلامه بلفظه. ثم قال : «وذلك كله غير مذكور في مرقص ويوحنا ، مع أن النصارى كافة ، على إلقائهم العمل بهذه الأحكام ، ما زالوا يحتجون بها ، وبها يستدلون على أفضلية مذهبهم. فكيف ساغ إذا لمرقس ويوحنا أن يهملا ذلك ويتواطآ معا على قصة حل الجحش؟ فهل من دأب المؤرخين أن يذكروا الخسيس من الأمور ويسكتوا عن الجليل؟ ولا سيما أنهم هم المخاطبون به. ويمكن أن يقال أن من ذكره فإنما نظر إلى تكليف غيره ، ومن سكت عنه فإنما خشي تكليف نفسه». انهى كلامه بلفظه. وقال بعض الملاحدة إن هذه الأحكام التي يفتخر بها المسيحيون لا تخلو إما أن تكون مستحبة نظرا إلى بعض الحالات ، أو واجبة. فإن كانت مستحبة فلا بأس بها ، لكنها لا تختص بالملة المسيحية. فإن هذا الاستحباب نظرا إلى بعض الحالات يوجد في غير ملتهم أيضا. وإن كانت واجبة فلا شك أنها منابع المفاسد والشرور وأسباب زوال الدول والراحة والاطمئنان والسرور. وإذ ثبت ما ذكرت ، فلا شك في استحسان الجهاد عقلا إذا كان جامعا للشروط المذكورة في الشريعة المحمدية. وتذكرت حكاية مناسبة للمقام : جاء بعض القسيسين في محكمة المفتي من محكمات الدولة الانكليزية في الهند ، فقال : يا جناب المفتي ، لي سؤال على المسلمين