الحادي عشر من كتاب الأعمال : «٢ ولما صعد بطرس إلى أورشليم خاصمه الذين من أهل الختان ٣ قائلين انك دخلت إلى رجال ذوي غلفة وأكلت معهم». وفي الباب السادس من إنجيل مرقس هكذا : «١ واجتمع إليه الفريسيون وقوم من الكتبة قادمين من أورشليم ٢ ولما رأوا بعضا من تلاميذه يأكلون خبزا بأيد دنسة ، أي غير مغسولة ، لامو ٣ لأن الفريسيين وكل اليهود ، إن لم يغسلوا أيديهم باعتناء ، لا يأكلون متمسكين بتقليد الشيوخ ٤ ومن السوق إن لم يغتسلوا لا يأكلون. وأشياء أخر كثيرة تسلموها لتمسك بها من غسل كئوس وأباريق وآنية نحاس وأسرة ٥ ثم سأله الفريسيون والكتبة : لما ذا لا يسلك تلاميذك حسب تقليد الشيوخ ، بل يأكلون خبزا بأيد غير مغسولة». وفي ملة براهمة الهند وغيرهم من أقوام مشركي الهند تشددات عظيمة. وعندهم لو أكل أحد منهم مع المسلم أو اليهودي والنصراني خرج عن ملته. ونكاح زوجة المتبنى بعد الطلاق كان قبيحا عند مشركي العرب. ولما كان زيد بن حارثة رضي الله عنه متبنى محمد صلىاللهعليهوسلم ، كان محمد صلىاللهعليهوسلم أيضا يخاف أولا من طعن عوام المشركين في نكاح زينب رضي الله عنها. فلما أمره الله تزوج بها لبيان الشريعة ، ولم يبال بعادة المشركين.
الأمر الرابع : إن الطاعنين من علماء پروتستنت لا يستحيون ولا ينظرون إلى بضاعات كتبهم المقدسة من الاختلافات والأغلاط والأحكام التي عرفت نبذا منها في الباب الأول والفصل الثاني والثالث من الباب الخامس ، ومن ذنوب الأنبياء وعشائرهم وأصحابهم التي قد عرفتها في ابتداء هذا الفصل. وأريد أن لا أترك هذا الموضع أيضا خاليا عن ذكر بعض الأمور المندرجة في التوراة ، وإن حصل للناظر اطلاع على أمور كثيرة فيما سبق.
١ ـ في الباب الثلاثين من سفر التكوين هكذا : «٣٧ فأخذ يعقوب عصيا خضرة من حور ولوز ومن دلب ، وكشف من بياضها والخضرة ظاهرة فيها ، فظهرت العصي المقشرة بلقاء وبيضاء ٣٨ ووتد العصي في مساقي الماء لكي إذا جاءت الغنم لتشرب تتوحم الغنم على العصي وفي نظرها إليها تحمل ٣٩ وصار أنه في حمية التوحم النعاج تتبصر بالعصي وتنتج منقطة ومثمرة مختلفة اللون ٤٠ وعزل يعقوب القطيع ووضع القضبان في المساقي أمام الكباش ، فكانت البيض والسود كلها للإبان ، والباقي ليعقوب ، والقطعان مفترقة بعضها عن بعض ٤١ فكان في كل عام ما حمل من الغنم أولا جعل يعقوب القضبان قدام الغنم في المساقي ليتوحم الغنم على العصي ٤٢ وما حمل منها أخيرا لم يجعلها ، فصار آخر نتاج الغنم للابان وأوله ليعقوب ٤٣ فاستغنى الرجل جدا جدا وصارت له مواشي كثيرة وإماء وعبيد وإبل وحمير». وهذا عجيب أيضا فإن الأولاد بحسب جري العادة غالبا تكون على شبه ألوان أصولهم. وأما كونهم على شبه ما يرونه من العصي وغيرها فلا يتوهمه أحد من العقلاء أصلا. وإلا يلزم أن يكون الأولاد المتولدة في الربيع خضرا كلهم.