الرابع من الباب الخامس. ويوجد في العهد الجديد في حق عيسى عليهالسلام في الباب الخامس عشر من إنجيل متّى أن امرأة كنعانية استغاثت لأجل شفاء بنتها فأبى عيسى عليهالسلام ، فأجابت جوابا حسنا استحسنه عيسى عليهالسلام ودعا لابنتها فشفيت. وفي الباب الثاني من إنجيل يوحنا أن أم عيسى عليهالسلام استدعت منه في عرس قانا الجليلي أن يحول الماء خمرا ، وقال ما لي ولك يا امرأة لم تأت ساعتي ، ثم حوّله.
الأمر الثامن : لا بأس بأن يخصّص أولياء الله بخصائص. ألا ترى أن هارون وأولاده كانوا مخصصين بأمور كثيرة من خدمة قبة الشهادة وما يتعلق بها ، وما كانت هذه الأمور جائزة لبني لاوي الآخرين فضلا عن غيرهم من بني إسرائيل. وإذا عرفت الأمور الثمانية ظهر لك جواب مطعنهم بالوجوه الخمسة. لكني أتعجب كل العجب من هؤلاء المعاندين أنهم لو رأوا في شريعة الغير أمرا لا يكون حسنا في آرائهم يقولون ان هذا الأمر لا يجوز أن يكون من جانب الله المقدس الحكيم العادل ، أو يقولون ان هذا ليس لائق بمنصب النبوّة. ولو وجد أمر أشنع منه في شرائعهم يكون من جانب الله ، أو لائقا بمنصب النبوّة ، فأمر الله لحزقيال عليهالسلام أن يحمل إثم آل إسرائيل وآل يهوذا عن نفسه ، وأن يأكل إلى ثلاثمائة وتسعين يوما خبزا ملطخا ببراز الإنسان ، وكذا أمر الله لأشعيا عليهالسلام أن يمشي مكشوف العورة الغليظة وعريانا بين النساء والرجال إلى ثلاث سنين مع كونه في قيد العقل ، وكذا أمره لهوشع أن يأخذ لنفسه زوجة زانية وأولاد الزنا وأن يتعشق بامرأة فاسقة محبوبة لزوجها ، يكون كلها عندهم أمورا من جانب الله الحكيم المقدس ولائقا بمناصب هؤلاء الأنبياء المقدسين. وإجازة نكاح زينب بعد طلاق زوجها وانقضاء عدتها لا يمكن أن يكون من جانب الله ولا يكون لائقا بمنصب نبوّة محمد صلىاللهعليهوسلم. وكذا لا يسقط عن درجة النبوّة يعقوب عليهالسلام ، الذي هو ابن الله البكر بنص التوراة ، بسبب أن تعشق راحيل وخدم أباها أربع عشرة سنة ، وأخذ أربع زوجات ، وجمع بين الأختين. وكذا لا يسقط عنها داود ابن الله البكر الآخر بنص الزبور بسبب أن أخذ نساء كثيرة وجواري كثيرة قبل أن يزني بامرأة أوريا ، بل تكون هذه النساء كلها بهبة الله ورضاه ، ويكون داود عليهالسلام قابلا لأن يقول الله في حقه فإذا كانت عندك قليلة كان ينبغي لك أن تقول فأزيد مثلهن ، ولا يصدر العتاب عليه على تكثير النساء بل على أنه زنى بامرأة الغير وقتل ذلك الغير بالحيلة وأخذ تلك الامرأة. وكذا لا يسقط عنها سليمان عليهالسلام ، الذي هو ابن الله بشهادة كتبهم المقدسة ، بسبب أن أخذ ألف امرأة من الزوجات والجواري وارتد في آخر عمره وعبد الأصنام ، بل يبقى مسلّم النبوّة ، ويكون كتبه الثلاثة ـ أعني الأمثال والجامعة ونشيد الإنشاد ـ كتبا إلهية. وكذا لا يسقط لوط عنها بسبب الزنا بابنتيه. وكذا لا يسقط عنها ابن الله الوحيد وحواريه الأمجاد بسبب حب الفاحشة وبعض التلاميذ والجولان مع