مرات كثيرة بلغت الآلاف. والعصمة من الذنوب ، وإن لم تكن من شروط النبوّة عند أهل التثليث ، لكنهم يدعونها في حق عيسى عليهالسلام باعتبار الناسوت أيضا ، وكان عيسى عليهالسلام بهذا الاعتبار أيضا عندهم صالحا ومقبولا لله لا متروكا. فهذه الجمل ١ ـ لما ذا تدعوني صالحا إلخ. ٢ ـ إلهي إلهي لما ذا تركتني؟ ٣ ـ تباعد عني خلاصي بكلام جهلي. ٤ ـ بالنهار أدعوك فلم تستجب لي. ٥ ـ ألفاظ التوبة والاعتراف بالخطايا عند الاعتماد. ٦ ـ اغفر لنا ذنوبنا ، لا تكون محمولة على المعاني الحقيقية الظاهرية عند أهل التثليث ، وإلا يلزم أنه لم يكن صالحا وكان متروكا لله بعيدا عن الخلاص بسبب كلام الجهل غير مستجاب الدعاء ، خاطئا مذنبا ، فلا بدّ أن يقال ان هذه التضرعات بمقتضى المخلوقية والمربوبية باعتبار الناسوت. وفي الزبور الثالث والخمسين هكذا : «٣ الرب من السماء اطلع على بني البشر لينظر هل من يفهم أو يطلب الله؟ ٤ كلهم قد زاغوا جميعا والتطخوا ، وليس من يعمل صلاحا حتى ولا أحد». وفي الباب التاسع والخمسين من كتاب أشعيا هكذا : «٩ فلذلك تباعد الحكم عنا ولا يدركنا العدل انتظرنا النور فيها الظلام انتظرنا الشعاع ، فها سرنا في الظلمة ١٢ من أجل أن آثامنا تكاثرت قدامك وخطايانا أجابتنا ، لأن فجورنا معنا وآثامنا عرفناها ١٣ أن نخطئ ونكذب على الرب ، واندبرنا إلى خلف حتى أن لا نسلك وراء إلهنا لنتكلم بالظلم والتعدي حبلنا وتكلمنا من القلب بكلام كاذب». وفي الباب الرابع والستين من كتاب أشعيا هكذا : «٦ وصرنا جميعنا كالنجس وكخرقة الحائض كل براتنا وسقطنا مثل الورق نحن جميعنا ، وآثامنا كالريح ذرونا ٧ ليس من يدعو باسمك ومن يقوم ويمسكك ، أخفيت وجهك عنا وأطرحتنا بيد اثمنا». ولا شك أن كثيرا من الصلحاء كانوا موجودين في زمان داود عليهالسلام مثل ناثان النبيّ وغيره. ولو فرضنا أنهم لم يكونوا معصومين ، على زعم أهل التثليث ، فلا ريب أنهم لم يكونوا مصداق الآية الرابعة من الزبور المذكور أيضا. ووقعت في عبارتي أشعيا عليهالسلام صيغ التكلم مع الغير ، وأشعيا وغيره من أنبياء عهده وصلحاء زمانه وإن لم يكونوا معصومين لكنهم لم يكونوا مصاديق الأوصاف المصرّحة في العبارتين قطعا أيضا. فلا تكون عبارة الزبور وهاتان العبارتان محمولات على معانيها الحقيقية الظاهرية ، بل لا بدّ فيها من الرجوع إلى أن تلك التضرعات بمقتضى العبودية. وكذا وقع في الباب التاسع من كتاب دانيال ، والباب الثالث والخامس من مراثي أرمياء ، والباب الرابع من الرسالة الأولى لبطرس.
الأمر الثاني : إن أفعال الأنبياء كثيرا ما تكون لتعليم الأمة لتستن بهم ولا يكونون محتاجين إلى هذه الأفعال لأجل أنفسهم. في الباب الرابع من إنجيل متّى أن عيسى عليهالسلام صام أربعين نهارا أو أربعين ليلة. والآية الخامسة والثلاثون من الباب الأول من إنجيل مرقس هكذا : «وفي الصبح باكرا جدا قام وخرج ومضى إلى موضع خلاء وكان يصلي هناك».