خبأت لك خبأ» قال : هو الدخ ، فقال له صلىاللهعليهوسلم «اخسأ فلن تعدو قدرك» (١) قال : وخبأ له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ) وهذا فيه إشعار بأنه من المنتظر المرتقب ، وابن صياد كاشف على طريقة الكهان بلسان الجان ، وهم يقرطمون العبارة ، ولهذا قال هو الدخ ، يعني الدخان ، فعندها عرف رسول الله صلىاللهعليهوسلم مادته وأنها شيطانية فقال صلىاللهعليهوسلم : «اخسأ فلن تعدو قدرك».
ثم قال ابن جرير (٢) : وحدثني عصام بن رواد بن الجراح ، حدثنا أبي ، حدثنا سفيان بن أبي سعيد الثوري ، حدثنا منصور بن المعتمر عن ربعي بن خراش قال : سمعت حذيفة بن اليمان رضي الله عنه يقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن أول الآيات الدجال ونزول عيسى ابن مريم عليهما الصلاة والسلام ، ونار تخرج من قعر عدن أبين تسوق الناس إلى المحشر تقيل معهم إذا قالوا ، والدخان ـ قال حذيفة رضي الله عنه يا رسول الله وما الدخان؟ فتلا رسول الله صلىاللهعليهوسلم هذه الآية (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ) ـ يملأ ما بين المشرق والمغرب يمكث أربعين يوما وليلة ، أما المؤمن فيصيبه منه كهيئة الزكمة ، وأما الكافر فيكون بمنزلة السكران يخرج من منخريه وأذنيه ودبره». قال ابن جرير (٣) : لو صح هذا الحديث لكان فاصلا وإنما لم أشهد له بالصحة لأن محمد بن خلف العسقلاني حدثني أنه سأل روادا عن هذا الحديث هل سمعه من سفيان؟ فقال له : لا ، قال فقلت : أقرأته عليه؟ قال : لا ، قال فقلت له : أقرىء عليه وأنت حاضر فأقر به؟ فقال : لا ، فقلت له : فمن أين جئت به؟ فقال : جاءني به قوم فعرضوه علي وقالوا لي اسمعه منا ، فقرؤوه علي ثم ذهبوا به فحدثوا به عني أو كما قال وقد أجاد ابن جرير في هذا الحديث هاهنا ، فإنه موضوع بهذا السند ، وقد أكثر ابن جرير من سياقه في أماكن من هذا التفسير ، وفيه منكرات كثيرة جدا ، ولا سيما في أول سورة بني إسرائيل في ذكر المسجد الأقصى ، والله أعلم.
وقال ابن جرير أيضا (٤) : حدثنا محمد بن عوف ، حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش ، حدثني أبي ، حدثني ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن ربكم أنذركم ثلاثا : الدخان يأخذ المؤمن كالزكمة ، ويأخذ الكافر فينتفخ حتى يخرج من كل مسمع منه ، والثانية الدابة والثالثة الدجال». ورواه الطبراني عن هاشم بن يزيد عن محمد بن إسماعيل بن عياش به وهذا إسناد جيد. وقال ابن أبي حاتم :
__________________
(١) أخرجه البخاري في الجنائز باب ٨٠ ، والجهاد باب ١٧٨ ، والخمس باب ١١ ، والأدب باب ٩٧ ، القدر باب ١٤ ، ومسلم في الفتن حديث ٨٧ ، ٩٥ ، ١٦٩.
(٢) تفسير الطبري ١١ / ٢٢٧.
(٣) تفسير الطبري ١١ / ٢٢٨.
(٤) تفسير الطبري ١١ / ٢٢٧ ، ٢٢٨.