تمضمض ودعا ثم صبه فيها فتركناها غير بعيد ، ثم إنها أصدرتنا ما شئنا نحن وركائبنا.
وقال الإمام أحمد (١) : حدثنا أبو نوح ، حدثنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في سفر قال : فسألته عن شيء ثلاث مرات فلم يرد عليّ ، قال فقلت في نفسي : ثكلتك أمك يا ابن الخطاب ألححت رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ثلاث مرات فلم يرد عليك؟ قال : فركبت راحلتي فحركت بعيري فتقدمت مخافة أن يكون نزل فيّ شيء ، قال : فإذا أنا بمناد ينادي يا عمر ، أين عمر قال : فرجعت وأنا أظن أنه نزل فيّ شيء قال : فقال النبي صلىاللهعليهوسلم «نزل علي البارحة سورة هي أحب إلي من الدنيا وما فيها (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) (٢) ورواه البخاري والترمذي والنسائي من طرق عن مالك رحمهالله ، وقال علي بن المديني هذا إسناد مدني جيد لم نجده إلا عندهم.
وقال الإمام أحمد (٣) : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : نزلت على النبي صلىاللهعليهوسلم (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) مرجعه من الحديبية. قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «لقد أنزلت علي الليلة آية أحب إلي مما على الأرض» ثم قرأها عليهم النبي صلىاللهعليهوسلم فقالوا : هنيئا مريئا يا نبي الله لقد بين الله عزوجل ما يفعل بك فماذا يفعل بنا؟ فنزلت عليه صلىاللهعليهوسلم (لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) ـ حتى بلغ ـ (فَوْزاً عَظِيماً) أخرجاه في الصحيحين (٤) من رواية قتادة به.
وقال الإمام أحمد (٥) : حدثنا إسحاق بن عيسى ، حدثنا مجمع بن يعقوب قال : سمعت أبي يحدث عن عمه عبد الرحمن بن يزيد الأنصاري ، عن عمه مجمع بن حارثة الأنصاري رضي الله عنه ، وكان أحد القراء الذين قرءوا القرآن قال : شهدنا الحديبية فلما انصرفنا عنها إذا الناس ينفرون (٦) الأباعر فقال الناس بعضهم لبعض : ما للناس؟ قالوا : أوحي إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فخرجنا مع الناس نوجف فإذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم على راحلته عند كراع الغميم ، فاجتمع الناس عليه فقرأ عليهم (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) قال : فقال : رجل من أصحاب رسول اللهصلىاللهعليهوسلم أي رسول الله أو فتح هو؟ قال صلىاللهعليهوسلم : «إي والذي نفس محمد بيده إنه لفتح» فقسمت خيبر على أهل الحديبية لم يدخل معهم فيها أحد إلا من شهد الحديبية فقسمها رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ثمانية عشر سهما. وكان الجيش ألفا وخمسمائة منهم ثلاثمائة فارس أعطي الفارس سهمين وأعطي الراجل
__________________
(١) المسند ١ / ٣١.
(٢) أخرجه البخاري في فضائل القرآن باب ١٢ ، والترمذي في تفسير سورة ٤٨ باب ١.
(٣) المسند ٣ / ١٩٧.
(٤) أخرجه البخاري في المغازي باب ٣٥ ، ومسلم في الجهاد حديث ٩٧.
(٥) المسند ٣ / ٤٢٠.
(٦) ينفرون : أي يزجرون.