روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : من أصلح سريرته أصلح الله تعالى علانيته. وقال أبو القاسم الطبراني : حدثنا محمود بن محمد المروزي ، حدثنا حامد بن آدم المروزي ، حدثنا الفضل بن موسى عن محمد بن عبيد الله العرزمي عن سلمة بن كهيل ، عن جندب بن سفيان البجلي رضي الله عنه قال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «ما أسر أحد سريرة إلا ألبسه الله تعالى رداءها ، إن خيرا فخير وإن شرا فشر» العرزمي متروك.
وقال الإمام أحمد (١) : حدثنا حسن بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد رضي الله عنه عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «لو أن أحدكم يعمل في صخرة صماء ليس لها باب ولا كوة لخرج عمله للناس كائنا ما كان».
وقال الإمام أحمد (٢) : حدثنا حسن ، حدثنا زهير ، حدثنا قابوس بن أبي ظبيان أن أباه حدثه عن ابن عباس رضي الله عنهما ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إن الهدي الصالح والسمت الصالح والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة» ورواه أبو داود (٣) عن عبد الله بن محمد النفيلي عن زهير به ، فالصحابة رضي الله عنهم خلصت نياتهم وحسنت أعمالهم فكل من نظر إليهم أعجبوه في سمتهم وهديهم. وقال مالك رضي الله عنه : بلغني أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة رضي الله عنهم الذين فتحوا الشام يقولون : والله لهؤلاء خير من الحواريين فيما بلغنا ، وصدقوا في ذلك فإن هذه الأمة معظمة في الكتب المتقدمة ، وأعظمها وأفضلها أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقد نوه الله تبارك وتعالى بذكرهم في الكتب المنزلة والأخبار المتداولة ، ولهذا قال سبحانه وتعالى هاهنا : (ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ) ثم قال (وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ) أي فراخه (فَآزَرَهُ) أي شده (فَاسْتَغْلَظَ) أي شب وطال (فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ) أي فكذلك أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم آزروه وأيدوه ونصروه فهم معه كالشطء مع الزرع (لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ).
ومن هذه الآية انتزع الإمام مالك رحمة الله عليه في رواية عنه ، بتكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة رضي الله عنهم قال : لأنهم يغيظونهم ومن غاظ الصحابة رضي الله عنهم فهو كافر لهذه الآية ، ووافقه طائفة من العلماء رضي الله عنهم على ذلك ، والأحاديث في فضائل الصحابة رضي الله عنهم والنهي عن التعرض لهم بمساءة كثيرة ، ويكفيهم ثناء الله عليهم ورضاه عنهم :
ثم قال تبارك وتعالى : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ) من هذه لبيان
__________________
(١) المسند ٣ / ٢٨.
(٢) المسند ١ / ٢٩٦.
(٣) كتاب الأدب باب ٢.