ابن عباس رضي الله عنهما وسعيد بن جبير والضحاك وعطاء بن السائب والسدي والحسن وقتادة (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ) يعني المصلين ، وصرح بعضهم بأنه كان من المصلين قبل ذلك ، وقال بعضهم كان من المسبحين في جوف أبويه ، وقيل المراد (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ) هو قوله عزوجل (فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) [الأنبياء : ٨٨] قاله سعيد بن جبير وغيره.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو عبيد الله ابن أخي بن وهب حدثنا عمي حدثنا أبو صخر أن يزيد الرقاشي حدثه أنه سمع أنس بن مالك رضي الله عنه ـ ولا أعلم إلا أن أنسا يرفع الحديث إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم «إن يونس النبي عليه الصلاة والسلام حين بدا له أن يدعو بهذه الكلمات وهو في بطن الحوت فقال : اللهم لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، فأقبلت الدعوة تحف بالعرش ، قالت الملائكة يا رب هذا صوت ضعيف معروف من بلاد بعيدة غريبة فقال الله تعالى أما تعرفون ذلك؟ قالوا يا رب ومن هو؟ قال عزوجل عبدي يونس قالوا عبدك يونس الذي لم يزل يرفع له عمل متقبل ودعوة مستجابة قالوا يا رب أولا ترحم ما كان يصنع في الرخاء فتنجيه في البلاء ، قال بلى فأمر الحوت فطرحه بالعراء» (١).
ورواه ابن جرير (٢) عن يونس عن ابن وهب به ، زاد ابن أبي حاتم قال أبو صخر حميد بن زياد فأخبرني ابن قسيط وأنا أحدثه هذا الحديث أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول : طرح بالعراء وأنبت الله عزوجل عليه اليقطينة قلنا : يا أبا هريرة وما اليقطينة ، قال شجرة الدباء. قال أبو هريرة رضي الله عنه : وهيأ الله له أرويّة (٣) وحشية تأكل من خشاش الأرض (٤) أو قال : هشاش الأرض ـ قال فتنفسخ (٥) عليه فترويه من لبنها كل عشية وبكرة حتى نبت وقال أمية بن أبي الصلت في ذلك بيتا من شعره وهو : [الطويل]
فأنبت يقطينا عليه برحمة |
|
من الله لولا الله ألقي ضاحيا (٦) |
وقد تقدم حديث أبي هريرة رضي الله عنه مسندا مرفوعا في تفسير سورة الأنبياء ، ولهذا قال تعالى : (فَنَبَذْناهُ) أي ألقيناه (بِالْعَراءِ) قال ابن عباس رضي الله عنهما وغيره وهي الأرض التي ليس بها نبت ولا بناء قيل على جانب دجلة وقيل بأرض اليمن فالله أعلم.
__________________
(١) أخرجه الترمذي في الدعوات باب ٨١ ، وأحمد في المسند ١ / ١٧٠.
(٢) تفسير الطبري ١٠ / ٥٣٠.
(٣) الأرويّة : الشاة الجبلية.
(٤) خشاش الأرض أهوامها وحشراتها.
(٥) تتفشّخ : أي تفرج ما بين رجليها.
(٦) البيت في تفسير الطبري ١٠ / ٥٣٠.