قال الله تعالى : (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ) فقد أعظم على الله الفرية ولكنه رأى جبريل ، لم يره في صورته إلا مرتين : مرة عند سدرة المنتهى ، ومرة في أجياد وله ستمائة جناح قد سد الأفق.
وقال النسائي : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال : أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم والكلام لموسى والرؤية لمحمد عليهم الصلاة والسلام؟ وفي صحيح مسلم عن أبي ذر قال : سألت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : هل رأيت ربك؟ فقال : «نور أني أراه» (١) وفي رواية «رأيت نورا» (٢) وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو خالد عن موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب قال : قالوا : يا رسول الله رأيت ربك؟ قال : «رأيته بفؤادي مرتين» ثم قرأ (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى) ورواه ابن جرير (٣) عن ابن حميد عن مهران عن موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب عن بعض أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم قال : قلنا يا رسول الله هل رأيت ربك؟ قال : «لم أره بعيني ورأيته بفؤادي مرتين» ثم تلا (ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى).
ثم قال ابن أبي حاتم : وحدثنا الحسن بن محمد بن الصباح ، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري ، أخبرني عباد بن منصور قال : سألت عكرمة عن قوله : (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى) فقال عكرمة : تريد أن أخبرك أنه قد رآه ، قلت نعم ، قال : قد رآه ثم قد رآه ، قال : فسألت عنه الحسن فقال : قد رأى جلاله وعظمته ورداءه ، وحدثنا أبي ، حدثنا محمد بن مجاهد ، حدثنا أبو عامر العقدي ، أخبرنا أبو خلدة عن أبي العالية قال : سئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم : هل رأيت ربك؟ قال : «رأيت نهرا ورأيت وراء النهر حجابا ، ورأيت وراء الحجاب نورا لم أر غير» وذلك غريب جدا.
فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد (٤) : حدثنا أسود بن عامر ، حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «رأيت ربي عزوجل» فإنه حديث إسناده على شرط الصحيح ، لكنه مختصر من حديث المنام كما رواه الإمام أحمد (٥) أيضا : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن ابن عباس أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «أتاني ربي الليلة في أحسن صورة ـ أحسبه يعني في النوم ـ فقال : يا محمد أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى ، قال : قلت لا ، فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بين
__________________
(١) أخرجه مسلم في الإيمان حديث ٢٩١.
(٢) أخرجه مسلم في الإيمان حديث ٢٩٢.
(٣) تفسير الطبري ١١ / ٥١٠.
(٤) المسند ١ / ٢٩٠.
(٥) المسند ١ / ٣٦٨.