مقاصدهم ما أسلفناه من الشرائط. وطائفة سلكوا مسلك أهل الضلال ، لعدم معرفتهم بالإمام ـ وهم الأكثرون منهم ـ وهؤلاء إما خواصّ ينسبون إلى العلم ، وإمّا عوام لا علم لهم ولا معرفة ...».
٤ ـ العرفاء المحققون ـ أمثال ابن العربي والقونوي وأضرابهما : فإذا تأمّلنا في مكتوبات الفيض نراه متأثّرا من نظريات هذه الفرقة ، وقد تسرّبت إليه أفكارهم عن طريق استاذه صدر المتألهين ـ قدهما ـ كما هو واضح لكلّ من قارن بين تصنيفات هذين العلمين ـ فإنّ أكثر منقولات الفيض عن ابن العربي وأتباعه محكيّ مما أورده صدر المتألهين عنهم في تصنيفاته ـ وإن كان دائما ساعيا في توفيق هذه النظريات مع الكتاب والسنّة والتأييد والاستشهاد بهما ؛ كما فعله استاذه أيضا وقد سبقه إلى ذلك.
غير أنّ الفارق المشهود بين الفيض وصدر المتألهين في ذلك أنّ الثاني أحسن اعتقادا ونظرا فيهم من الفيض فلا يتقي في ذكر أسمائهم وأقوالهم ، والفيض لا يعتقد فيهم هذا الاعتقاد وإن كان يراهم من أهل التحقيق ودقّة النظر.
فصدر المتألهين يعبّر عن ابن العربي بأنه (١) «قدوة المكاشفين» و «من أهل المكاشفة». وإن رأى كلاما له لا يرتضيه يصححه بما أمكن من التوجيه : «لئلا يقع من أحد سوء ظنّ بهذا الشيخ العظيم» (٢) ، وقلما يتّفق أن ينقل منه كلاما لا يوافقه وينتقده (٣) ؛ ولا يستبعد كونه شيعيّا ويرى أن هذا ما يستشمّ من بعض كلماته (٤).
__________________
(١) ـ الأسفار الأربعة : ٩ / ٤٥. وتفسير صدر المتألهين : ٣ / ٤٩.
(٢) ـ تفسير صدر المتألهين : ٢ / ٢٥٩.
(٣) ـ قال في الأسفار الأربعة (٩ / ٢٣٤) بعد نقل كلام طويل منه : «وإنّما نقلناه بطوله لما فيها من الفوائد النفسية ... وإن وقعت المخالفة في البعض». وقال فيه (٩ / ٢٥٣) : «وإنما نقلنا بطولها لما فيها من بعض التحقيقات المطابقة لما نحن عليه من الحكمة البرهانيّة وإن كان فيها بعض أشياء مخالفة لها».
(٤) ـ قال في شرح الاصول من الكافي (شرح الحديث ٢١ من كتاب العقل والجهل) : «واعلم أنّ أكثر ما نقلناه من عبارته أولا موجود في كتب الحديث ، بعضها على طريقة أصحابنا ، ـ