وثانيا بما أشرنا إليه من عدم تغيير عقائده الأساسيّة حتى في أواخر عمره الشريف ، وإنما الفرق في الإظهار وعدمه.
ثمّ إنّه لم يبق كتبه ـ قدسسره ـ كما ألّفها في الأول ، بل كان يعيد النظر ويستدرك ما فاته ويغيّر ما لا يرتضيه دائما ، يشهد بذلك نسخ كتبه الموجودة المكتوبة بيده الشريفة ، ومنها نسخة كتابه هذا ـ علم اليقين ـ فلو نظرنا بعين الاعتبار ما كتب منه أولا ونطابقه مع ما صار إليه آخرا حسبناه كتابين ثانيهما تحرير للأول.
فما بأيدينا من كتبه الشريفة ـ لو حصّلنا على نسخها الأصليّة ـ لها اعتبار مؤلفها طوال عمره الشريف ، وإنما الفرق في تأليفين مختلفين منه ـ لو رأيناه ـ إنما هو بالنظر إلى مخاطبيه ، ولذلك يرمز في تأليف ويكتم ما يظهره في آخر ، لا أنّه يخالف في الثاني ما يورده في الأول ، وذلك في عموم مكتوباته غير ما أشار في الفهرس أنّ فيها ما لا يرتضيه ـ وذلك في كتابي نقد الاصول الفقهية ومفاتيح الشرائع ـ.
علم اليقين وعين اليقين
ألّف المؤلّف ـ قدسسره ـ قبل تأليف علم اليقين كتابا آخر سماه «عين اليقين» وأشار إليه في استدراكاته على خطبة كتابه ـ علم اليقين ـ أولا ثم استدرك ثانيا وشطب عليه بعد ، وذلك موجود مشطوبا عليه في هامش نسخته في آخر خطبة الكتاب وقبل عنوان «مقدمة» :
«ومن لم يشف به عليله ولم يرو به غليله ، وأراد زيادة التعمّق والتبيين ، فعليه بكتابنا الموسوم بعين اليقين في اصول اصول الدين ، فإنّ فيه أنوارا وأسرارا تهدي من البيان إلى العيان ، وتوصل من العلم إلى العين ، ولكنه لا ينتفع بذلك إلا الفاذّ الشاذّ ، اللبيب كلّ اللبيب ، وليس للآخرين فيه نصيب ، فلا يطمع فيه من لم يكن له أهلا ، وليس للآخرين فيه نصيب ، فلا يطمع فيه من لم يكن له أهلا ، ولا يتعب نفسه في تحصيله فإنّه ليس سهلا ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم».