ـ الثاني منهما كالتحرير لسابقه ـ وهما كتابا الكلمات المكنونة ـ وقد كتب في سنة ١٠٥٧ (أو ١٠٦٠ ، لاختلاف نسخ فهرست مؤلفاته) حين كان عمره يناهز الخمسين أو أكثر ـ وقرّة العيون ـ وقد كتبه في سنة (١٠٨٨) ، يعني بعد ثلاثين سنة مضت على زمان تأليف الكتاب الأول وحينما كان ـ قدسسره ـ في اخريات عمره الشريف.
ولو توهم أحد أن كتاب الكلمات أيضا ليس مما كتبه في أوائل عمره ـ وأنه مكتوب بعد ما بلغ الفيض أشده ومضى عليه اكثر من أربعين سنة ، فعليه أن ينظر في هذا الكتاب بنظر الاعتبار ، فإنّه من أصرح كتب مصنفه في الإبانة عما يقوله أهل العرفان ، ولو ذهب أحد يقبل ما فيه اعتقادا لمؤلفه إلى آخر عمره لا يبقى له محل كلام في عدم تغيير وجهات نظر الفيض في هذا المجال.
قلنا أنّ الكلمات المكنونة كتحرير لكتاب قرّة العيون ، وذلك ظاهر لكل من تأمّل في الكتابين ، وقارن بينهما ـ كما تراه عن قريب ـ والمؤلف أخذ الكتاب الأول واستنسخ منه ما رآه صالحا ومراعيا فيه جانب الاحتياط ، وحذف أو غيّر ما لم يره مناسبا في ذلك الحين ؛ وجعل يحرّر الكتاب بسياق كلامي حديثي ـ كما هو دأبه في أواخر عمره الشريف ـ بعد ما كان مكتوبا بصبغة عرفانية حكمية بارزة.
وذلك ما يعلنه في مقدمة كتابه قرة العيون (١) أيضا [: «لست متكلما ولا متفلسفا ولا متصوفا ولا متكلفا ، بل مقلد القرآن والحديث النبوي ومتابع أهل بيته صلىاللهعليهوآلهوسلم ...»]
وهذا تكرار وتأكيد للنص الذي أظهره في رسالته الإنصافية (٢).
ورغبة في تسهيل الأمر رتبت جدولا للمقارنة بين الكتابين ، وما حذف منها حين تحرير الثاني أو اضيف ، ولعل بعض ما أثبتنا حذفه جاء في مطاوي الكتاب ولم نعثر عليه عند المراجعة السريعة :
__________________
(١) ـ قرة العيون : ٣٣١.
(٢) ـ رسائل الفيض : ١٩٦.